وكذلك اختلفوا فى حين وفاته ، فقال ابن إسحاق : توفى يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة. وقال غيره من أهل السير : إنه مات عشى يوم الاثنين ، وقيل ليلة الثلاثاء وقيل : عشى الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة ، وهذا هو الأكثر فى وفاته (١).
وأوصى أن تغسله زوجه أسماء بنت عميس ، فغسلته ، وصلى عليه عمر بن الخطاب فى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحمل على السرير الذي حمل عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونزل فى قبره عمر وعثمان وطلحة وابنه عبد الرحمن بن أبى بكر ، ودفن ليلا فى بيت عائشة مع النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وجعل رأسه عند كتفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وألصقوا لحده بلحده ، وجعل قبره مسطحا مثل قبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ورش عليه بالماء.
ولا يختلفون فى أنه توفى ابن ثلاث وستين سنة ، وأنه استوفى بخلافته بعد الرسول صلوات الله عليه ، سن رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي توفاه الله لها (٢).
ويروى أنه رضياللهعنه ، لما احتضر ، وابنته عائشة حاضرة ، فأنشدت رضياللهعنها (٣) :
لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر |
رفع إليها رأسه وقال : لا تقولى هذا يا بنية ، أو : ليس هكذا يا بنية ، ولكن قولى : «وجاءت سكرة [الحق بالموت] ذلك ما كنت منه تحيد» (٤) ، هكذا قرأها أبو بكر رضياللهعنه.
وقالوا : كان آخر ما تكلم به : رب توفنى مسلما ، وألحقنى بالصالحين.
وقال أبو بكر رضياللهعنه ، لعائشة رضياللهعنها ، وهو مريض : فى كم كفن
__________________
(١) راجع المنتظم لابن الجوزى (٤ / ١٣٠) ، تاريخ الطبرى (٣ / ٤٢١).
(٢) انظر : تاريخ الطبرى (٣ / ٤٢١).
(٣) انظر الأبيات فى : العقد الفريد (٥ / ١٩) ، وهذا البيت لحاتم الطائى ، راجع ديوانه ص (٥١).
(٤) ما بين المعقوفتين ورد فى بعض الأصول : «الموت بالحق» وهذا هو المشهور فى القراءات السبع ، وقول المصنف هكذا قرأها أبو بكر ، يوضح أن أبا بكر قرأها باختلاف عن المشهور ، وكذلك أيضا قرأ بها سعيد بن جبير وطلحة وعبد الله بن مسعود ، وشعبة ، وأبى عمران. انظر : الطبرى (٢٦ / ١٠٠) ، الفراء (٣ / ٧٨) ، الكشاف (٤ / ٧) ، القرطبى (١٧ / ١٢) ، النحاس (٣ / ٢١٧) ، مجمع البيان (٩ / ١٤٣) ، زاد المسير (٧ / ١٩٤) ، المحتسب (٥ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨).