حذيم قادم عليهم بالمدد ، وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى أبى عبيدة بن الجراح وإلى الذين معه من المهاجرين والأنصار ، والتابعين بإحسان ، والمجاهدين فى سبيل الله ، سلام عليكم ، فإنى أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد فإنه قد بلغنى توجهكم من أرض حمص إلى أرض دمشق ، وترككم بلادا فتحها الله عليكم ، وخليتموها لعدوكم وخرجتم منها طائعين ، فكرهت هذا من رأيكم وفعلكم ، ثم إنى سألت رسولكم عن رأى من جميعكم كان ذلك ، فزعم أن ذلك كان رأيا من أماثلكم وأولى النهى منكم ، فعلمت أن الله لم يكن يجمع رأيكم إلا على توفيق وصواب ورشد فى العاجلة والعاقبة ، فهون ذلك علىّ ما كان داخلنى من الكراهية قبل ذلك لتحولكم ، وقد سألنى رسولكم المدد ، وأنا ممدكم ، لن يقرأ عليكم كتابى حتى يشخص إليكم المدد من قبلى إن شاء الله ، واعلموا أنه ليس بالجمع الكثير تهزم الجموع وينزل الله النصر ، ولربما خذل الله الجموع الكثيرة فوهنت وقلت وفشلت ، ولم تغن عنهم فئتهم شيئا ، ولربما نصر الله العصابة القليل عددها على الكثير عددها من أعداء الله ، فأنزل الله عليكم نصره ، وبعدو المسلمين بأسه ورجزه ، والسلام عليكم.
فجاء سفيان بالكتاب إلى أبى عبيدة فقرأه على الناس وسروا به.
وعن عبد الله بن قرط ، فى حديثه المتقدم عما اجتمع عليه رأى المسلمين مع أبى عبيدة من الرحيل عن حمص ، قال : فلما صلينا صلاة الغداة بحمص خرجنا مع أبى عبيدة نسير حتى قدمنا دمشق وبها خالد بن الوليد ، وتركنا أرض حمص ليس فيها منا ديار بعد ما كنا قد افتتحناها ، وأمنا أهلها ، وصالحناهم عليها ، وخلا أبو عبيدة بخالد بن الوليد فأخبره الخبر ، وذكر له مشورة الناس عليه بالرحلة ، ومقالة العبسى فى ذلك ، فقال له خالد : أما أنه لم يكن الرأى إلا الإقامة بحمص حتى نناجزهم ، فأما إذا اجتمع رأيكم على أمر واحد ، فو الله إنى لأرجو أن لا يكون الله قد جمع رأيكم إلا على ما هو خير (١).
فأقام أبو عبيدة بدمشق يومين ، وأمر سويد بن كلثوم أن يرد على أهل دمشق الذين كانوا أمنوا وصولحوا ما كان جبى منهم ، ففعل ، وقال لهم المسلمون : نحن على العهد الذي كان بيننا وبينكم. ثم إن أبا عبيدة جمع أصحابه ، فقال لهم : ما ذا ترون؟ أشيروا علىّ.
فقال يزيد بن أبى سفيان : أرى أن تخرج حتى تنزل الجابية ، ثم تبعث إلى عمرو بن
__________________
(١) انظر الخبر فى : تاريخ فتوح الشام (١٦٠ ـ ١٦٩).