أرض البلقاء وفى كتاب ابن إسحاق : معان وما حولها من أرض الشام ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كتب إلى هرقل وإلى الحارث بن أبى شمر ، ولم يكتب إليه ، فأسلم فروة ، وكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإسلامه ، وبعث من عنده رسولا يقال له : مسعود بن سعد من قومه بكتاب مختوم فيه :
«بسم الله الرحمن الرحيم. لمحمد رسول الله النبيّ ، إنى مقر بالإسلام مصدق به ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وإنه الذي بشر به عيسى ابن مريم. والسلام عليك».
ثم بعث مع الرسول بغلة بيضاء يقال لها : فضة ، وحماره يعفور ، وفرسا يقال له : الضرب ، وبعث بأثواب من لين ، وقباء من سندس مخوص بالذهب ، فقدم الرسول فدفع الكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاقترأه ، وأمر بلالا أن ينزله ويكرمه ، فلما أراد الخروج كتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم جواب كتابه :
«من محمد رسول الله ، إلى فروة بن عمرو ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد. فإنه قدم علينا رسولك بكتابك فبلغ ما أرسلت به ، وخبر عن ما قبلكم ، وأنبأنا بإسلامك ، وإن الله عزوجل قد هداك إن أصلحت وأطعت الله ورسوله وأقمت على الصلاة وآتيت الزكاة ، والسلام عليك».
ولما بلغ قيصر إسلام فروة بن عمرو بعث إليه فحبسه ، ولما طال حبسه أرسلوا إليه : أن ارجع إلى دينك ويعيد إليك ملكك ، فقال : لا أفارق دين محمد أبدا ، أما أنك تعرف أنه رسول الله ، بشرك به عيسى ابن مريم ، ولكنك ضننت بملكك وأحببت بقاءه. فقال قيصر : صدق والإنجيل.
وذكر الواقدى أنه مات فى ذلك الحبس ، فلما مات صلبوه.
قال : فلما اجتمعت الروم لصلبه قال :
ألا هل أتى سلمى بأن حليلها |
|
على ماء عفرا فوق إحدى الرواحل (١) |
على ناقة لم يضرب الفحل أمها |
|
مشذبة أطرافها بالمناجل (٢) |
وذكر ابن شهاب الزهرى أنهم لما قدموه ليقتلوه قال :
__________________
(١) إحدى الرواحل : المراد بها الخشبة التي صلب عليها.
(٢) مشذبة : قد أزيلت أغصانها.