عبيدة بسلامتهم وانصرافهم ، فحمد الله على ذلك ، وأقام حتى قدم عليه ميسرة ، وكتب أمانا على الناس من أهل قنسرين ، ثم أمر مناديه بالرحيل إلى إيلياء ، وقدم خالدا على مقدمته بين يديه ، وبعث على حمص حين انتهى إليها حبيب بن سلمة ، وأرض قنسرين إذ ذاك مجموعة إلى صاحب حمص ، وإنما فتحت قنسرين بعد ذلك فى خلافة يزيد بن معاوية ، ثم خرج من حمص ومر بدمشق ، فولاها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، ثم خرج حتى مر بالأردن ، فنزلها ، فعسكر بها ، وبعث الرسل إلى أهل إيلياء ، وقال : اخرجوا إلىّ أكتب لكم أمانا على أنفسكم وأموالكم ، ونفى لكم كما وفينا لغيركم ، فتثاقلوا وأبوا ، فكتب إليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم ، من أبى عبيدة بن الجراح إلى بطارقة أهل إيلياء وسكانها ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله العظيم ورسله ، أما بعد ، فإنا ندعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من فى القبور ، فإذا شهدتم بذلك حرمت علينا دماؤكم وأموالكم وكنتم إخواننا فى ديننا ، وإن أبيتم فأقروا لنا بإعطاء الجزية وأنتم صاغرون ، فإن أبيتم سرت إليكم بقوم ، هم أشد للموت حبا منكم لشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، ثم لا أرجع عنكم إن شاء الله حتى أقتل مقاتلتكم وأسبى ذراريكم.
قال : وكتب إلى عمر بن الخطاب حين أظهره الله على أهل اليرموك وخرج يطلبهم :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله عمر أمير المؤمنين من أبى عبيدة بن الجراح ، سلام عليك ، أما بعد ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، والحمد لله الذي أهلك المشركين ، ونصر المسلمين ، وقديما تولى الله نصرهم ، وأظهر فلجهم ، وأعز دعوتهم ، فتبارك الله رب العالمين.
أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله ، أنا لقينا الروم فى جموع لم تلق العرب جموعا قط مثلها ، فأتوا وهم يرون أن لا غالب لهم من الناس ، فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا ، ما قوتل المسلمون مثله فى موطن قط ، ورزق الله المؤمنين الصبر ، وأنزل عليهم النصر ، فقتلوهم فى كل قرية وكل شعب وواد وسهل وجبل ، وغنم المسلمون عسكرهم ، وما كان فيه من أموالهم ، ومتاعهم ، ثم إنى اتبعتهم بالمسلمين حتى بلغنا أقصى بلادهم ، وقد بعثت إلى أهل الشام عمالا ، وبعثت إلى أهل إيلياء أدعوهم إلى الإسلام ، فإن قبلوا وإلا فليؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإن أبوا سيرت إليهم حتى أنزل بهم ، ثم لا