فقال : إنى فكرت فى هذا الأمر فإذا هو لا يصلح آخره إلا من أصلح أوله ، يريد الأنصار ، فدعا عبادة بن الصامت فعقد له ، ففتح الله الإسكندرية على يديه من يومه ذلك.
وقال جنادة بن أبى أمية (١) : دعانى عبادة بن الصامت يوم الإسكندرية وكان على قتالها ، فأغار العدو على طائفة من الناس ولم يأذن بقتالهم ، فبعثنى أحجز بينهم ، فأتيتهم فحجزت بينهم ثم رجعت إليه ، فقال : أقتل أحد من الناس؟ قلت : لا. قال : الحمد لله الذي لم يقتل أحد منهم عاصيا.
قالوا : وكان فتح الإسكندرية يوم الجمعة مستهل شهر المحرم من سنة عشرين.
ولما هزم الله الروم وفتحت الإسكندرية وهرب الروم فى البحر والبر ، خلف عمرو ابن العاص بالإسكندرية من أصحابه ألف رجل ، ومضى فى طلب من هرب فى البر من الروم ، فرجع من كان هرب منهم فى البحر إلى الإسكندرية فقتلوا من كان فيها من المسلمين إلا من هرب.
وبلغ ذلك عمرو بن العاص فكر راجعا ففتحها ، وأقام بها ، وكتب إلى عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه ، أن الله قد فتح علينا الإسكندرية عنوة بغير عقد ولا عهد ، فكتب إليه عمر يقبح رأيه ويأمره ألا يجاوزها.
قال ابن لهيعة : وهذا هو فتح الإسكندرية الثانى ، وكان سبب فتحها أن بوابا يقال له : ابن بسامة سأل عمرا الأمان على نفسه وأرضه وأهل بيته ويفتح له الباب ، فأجابه عمرو إلى ذلك وفتح له ابن بسامة الباب ، فدخل عمرو من ناحية قنطرة سليمان ، وكان مدخله الأول من الباب الذي من ناحية كنيسة الذهب.
وقد روى ابن لهيعة ، أيضا ، عن يزيد بن أبى حبيب أن فتحها الأول كان سنة إحدى وعشرين ثم انتقضوا سنة خمس وعشرين.
وجاءت الروم عليهم منويل الخصى ، بعثه هرقل فى المراكب حتى أرسوا بالإسكندرية
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (١٢٠٤) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٧٨٩) ، طبقات ابن سعد (٧ / ٤٣٩) ، طبقات خليفة ترجمة رقم (٢٩٠٥) ، تاريخ البخاري (٢ / ١٣٢) ، تاريخ خليفة (١٨٠) ، مقدمة مسند بقى بن مخلد (١١٢) ، التاريخ الكبير (٢ / ٢٣٢) ، التاريخ الصغير (٧٢) ، الجرح والتعديل (٢ / ٥١٥) ، فتوح البلدان (٢٧٨) ، تاريخ الثقات للعجلى (٩٩) ، الثقات لابن حبان (٤ / ١٠٣) ، مشتبه النسبة لعبد الغنى بن سعيد (٢٠٨).