ثم كتب عمرو بن العاص بعد ذلك إلى عمر بن الخطاب ، رضياللهعنه : أما بعد ، فإنى فتحت مدينة لا أصف ما فيها ، غير أنى أصبت فيها أربعة آلاف منية بأربعة آلاف حمام ، وأربعين ألف يهودى عليهم الجزية ، وأربعمائة ملهى للملوك.
وعن أبى قبيل أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية وجد فيها اثنى عشر ألف بقال يبيعون البقل الأخضر.
وعن غيره (١) أنه كان فيما أحصى من الحمامات اثنا عشر ديماسا أصغر ديماس منها يسع ألف مجلس ، كل مجلس منها يسع جماعة نفر.
قال : وترحل من الإسكندرية فى الليلة التي دخلها عمرو بن العاص أو الليلة التي خافوا دخوله سبعون ألف يهودى ، وكان عدة من بالإسكندرية من الروم مائتى ألف من الرجال ، فلحق بأرض الروم أهل القوة وركبوا السفن ، وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار يحمل فيها ثلاثون ألف بما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل ، وبقى من بقى ممن يؤدى الخراج ، فأحصوا يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان.
واختلف الناس على عمرو فى قسمهم ، وكان أكثرهم يريدون القسم ، فقال عمرو : لا أقدر على ذلك حتى أكتب إلى أمير المؤمنين ، فكتب إليه فى ذلك ، فكتب إليه عمر ، رضياللهعنه : لا تقسمها ، وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم.
فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج ، فكانت مصر صالحا كلها بفريضة دينارين دينارين على كل رجل ، لا يزاد على أحد منهم فى جزية رأسه على دينارين ، غير أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع ، إلا الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم ؛ لأن الإسكندرية فتحت عنوة لغير عهد ولا عقد ، ولم يكن لهم صلح ولا ذمة.
ويقال : إن مصر كلها فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد.
قال سفيان بن وهب الخولانى (٢) : لما فتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن العوام فقال:اقسمها يا عمرو. فقال : لا أقسمها. فقال الزبير : والله لتقسمنها كما قسم رسول الله
__________________
(١) هو : حسين بن شفى بن عبيد.
(٢) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٣٣٤٣) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٢١٢٩).