ألا أبلغا شهرا وشهر مهاجر |
|
بأنا سنلقاه على الحدثان |
فنحن سللنا شيحة يوم بارق |
|
إلى شرّ دار تنتوى ومكان |
ويروى أن أبا بكر ، رحمهالله ، لما بلغه ما كان من فتح حرملة وسلمى ومثنى ومذعور ما بين السيلحين إلى أسفل الفرات تمثل بقول الآخر :
ومتى تسلف فى قبيل خطة |
|
تلق المنال مضاعفا أو موعبا |
وإذا عقدت بحبل قوم مرة |
|
ذربوا عليك فلم تجد لك مقضبا |
حيان لا خطما بحبل هضيمة |
|
أنفا الزمام فلم يقرأ مركبا |
وحكى عمر بن شبة عن شيوخه من أهل الأخبار : أن المثنى بن حارثة كان يغير على أهل فارس بالسواد ، فبلغ أبا بكر والمسلمين خبره ، فقال عمر : من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه ، فقال له قيس بن عاصم : أما إنه غير خامل الذكر ، ولا مجهول النسب ، ولا قليل العدد ، ولا ذليل العمارة ، ذلك المثنى بن حارثة الشيبانى (١).
ثم إن المثنى قدم على أبى بكر فقال له : يا خليفة رسول الله ، ابعثنى فى قومى ، فإن فيهم إسلاما ، أقاتل بهم أهل فارس ، وأكفك أهل ناحيتى من العدو. ففعل ذلك أبو بكر ، فقدم المثنى العراق ، فقاتل وأغار على أهل فارس ونواحى السواد حولا مجرّما ، ثم بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبى بكر يسأله المدد ، ويقول : إنك إن أمددتنى وسمعت بذلك العرب أسرعوا إلىّ وأذل الله المشركين ، مع أنى أخبرك يا خليفة رسول الله ، أن الأعاجم تخافنا وتتقينا. فقال له عمر : يا خليفة رسول الله أبعث خالد بن الوليد مددا للمثنى بن حارثة ، يكون قريبا من أهل الشام ، فإن استغنى عنه أهل الشام ألح على أهل العراق حتى يفتح الله عليه. قال : فهذا الذي هاج أبا بكر ، رحمهالله ، على أن يبعث خالد بن الوليد إلى العراق (٢).
وفى حديث آخر : أنه ولاه حرب العراق لما قضى ما أراد قضاءه من اليمامة ، وكتب إلى المثنى ومذعور وسلمى وحرملة بأن يسمعوا له ويطيعوا.
__________________
(١) انظر : الفتوح لابن أعثم الكوفى (١ / ٨٩) ، الاستيعاب لابن عبد البر (ص ١٤٥٧) ، نهاية الأرب للنويرى (١٩ / ١٠٦).
(٢) انظر : تاريخ فتوح الشام للأزدى (ص ٥٣ ، ٥٤) ، الاستيعاب لابن عبد البر (ص ١٤٥٧) ، نهاية الأرب للنويرى (١٩ / ١٠٦ ، ١٠٧).