يأخذون الرشوة فى دينهم ولا رشوة فى دين الله ، وادع الناس فمن استجاب لك وأسلم قبل القتال فهو رجل من المسلمين وله سهم فى الإسلام ، ومن أسلم بعد القتال وبعد الهزيمة فهو رجل من المسلمين وماله لأهل الإسلام ، والأسير إذا أسلم فى أيدى المسلمين فقد أمن على دمه ، وهو فيء للمسلمين ، وأقر الفلاحين على حالهم إلا من حاربك أو هرب أو ترك أرضه وخلاها ، فهى لكم فإن رجع فقبلتم منه الجزية فهو ذمة.
وذكر سيف (١) عن رجاله قالوا : كان صلح عمر الذي صالح عليه أهل الذمة ، أنهم إن غشوا المسلمين لعدوهم برئت منهم الذمة ، وإن سبوا مسلما أن ينهكوا عقوبة ، وإن قاتلوا مسلما أن يقتلوا ، وعلى عمر منعهم ، وبرئ عمر إلى كل ذى عهد من معرة الجيش.
قال بعضهم : فكان الفلاحون للطرق والجسور والأسواق والحرث ، والدلالة مع الجزى عن أيديهم على قدر طاقتهم ، وكانت الدهاقين للجزية عن أيديهم والعمارة ، وعلى كلهم الإرشاد وضيافة ابن السبيل من المهاجرين.
قال المدائنى : وشهد عبد الله بن عمر جلولاء ، واشترى من المغنم متاعا بأربعين ألفا ، فلما قدم المدينة أتاه عمر فى منزله ، فقال لامرأته : يا صفية احتفظى بما جاء به عبد الله ولا يصلن منه إلى شيء ، ثم قال لعبد الله : يا عبد الله اشتريت من غنائم المسلمين؟ فقالوا : ابن عمر وصاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلأن يرخصوا عليك بمائة أحب إليهم من أن يغلوا عليك بدرهم ، لك فيما اشتريت ربحا لدرهم درهم ، فدعا عمر التجار فعرضه عليهم وقال : اشتروا فإنه للمسلمين ، فتزايدوا حتى بلغ مائة ألف ، فباعه ، وأعطى عبد الله ثمانين ألفا ، وبعث بالباقى إلى سعد ، وكتب إليه : اقسمه فيمن شهد سنة تسع عشرة.
وعن رجال سيف (٢) قالوا : ولما رجع أهل جلولاء إلى المدائن نزلوا قطائعهم ، وصار السواد ذمة لهم إلى ما أصفاهم الله به من مال الكاسرة ، ومن لج معهم.
وقال القعقاع بن عمرو يذكر نزوله بجلولاء :
من مبلغ عنى القبائل مالكا |
|
وقد أحسنت عند الهياج القبائل |
فلله جاهدنا وفى الفرس بغية |
|
ونحن على الثغر المخوف نساجل |
وأنتم عتاد إن ألمت ملمة |
|
وجلت علينا فى الثغور الجلائل |
__________________
(١) انظر : الطبرى (٤ / ٣٢).
(٢) انظر : الطبرى (٤ / ٣٣).