جاء الاسلام بنوره الساطع فأشرق على قلوبهم النيرة ووجد مرتعا خصبا فى صدورهم الواسعة فمنحهم ايمانا صادقا ومعرفة حقة فاتبعوه فى كل الادوار ولذلك لا ترى أغلبهم الا فى صف الامام العادل منذ وفاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتّى عصرنا الحاضر وأن الحوادث الماضية خير برهان على ما قلناه
لا شك أن كمال الاخلاق دليل رقى الامة وتقدمها ونحن فى مؤلفنا هذا اكتفينا بالشهادات النبوية لأن تاريخ اليمن السعيد يحتاج الى مجلدات ضخمة عديدة ولم نبحث عن الدور الماضى القديم فذلك لا زالت آثاره قائمة غير مكترثة بزعازع الدهور وتقلباته الكثيرة فهذا السد بمأرب لا يفتأ قائما يهزأ بغيره من الآثار حيث لا يراه شخص الا ويعترف بعجز أعظم دول الارض الغابرة عن الاتيان بمثله بقطع النظر عما جرفته السيول بمرور الايام والدهور وأما انقاض الصروح المشيدة كغمدان وغيره فهى من بعض عظمة اليمن التى انجبت ذا القرنين الرائش والتبابعة الّذين لهم المجد والحضارة والعظمة الراسخة ولا برح التاريخ حافلا بأعمالهم الكبيرة وآثارهم القويمة وفى وصف عظمتهم يقول الكلاعى
ورتبنا مراتب كل ملك* |
|
فكان لنا الخلائق مقتفينا |
سننا للبرية كل فعل* |
|
جميل من فعال الاكرمينا |
فهم يتشبهون بما فعلنا* |
|
وفى آثارنا يتتبعونا |
وليسوا مدركين لنا لأنا* |
|
جعلنا السابقين الاولينا |
ولسنا بصدد ذلك فان مفاخر الماضى لم نكن لنشير اليها الا من قبيل اثبات عراقة الشعب اليمانى الكريم لمن لا علم له بالتاريخ
وان لهم السابقية فى الحضارة والتقدم والسيادة على ملوك الاقطار وان لهم ثقافة وعبقرية دلت على قوة مداركهم وتنور اذهانهم هذا مصداق ما رواه البخارى فى صحيحه عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟؟؟ خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الاسلام اذا فقهوا) وان المعدن اليمنى لهو من خير المعادن ونستشهد على هذا بان المسابقة فى نصرة هذا الدين الحنيف كانت بين اليمانيين شعب همدان والانصار قبل غيرهم من سائر القبائل العربية وسنأتى على رواية قيس بن مالك الارحبى الهمدانى بأنه أول من أجاب دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين عرض نفسه على القبائل لينصروه على تبليغ رسالة ربه فقال أنا احملك يا رسول الله الى قومى ولكن قضاء الله وقدره كان سابقا فى علمه أن هذا الشرف الاعظم لا يحوزه الا أبناء عمه صفوة قحطان وخلاصة الأزد الاوس والخزرج أنصار الله ورسوله