لا شك أن نسبة هذا الشرف السامى الى اليمانيين حجة قويمة تثبت صحة نيتهم فى اتباع الحق وانهم من أعرف الناس به وأشدهم انقيادا اليه وهذا نعم المستند الدال على صفاء جوهر ذلك العنصر الكريم وخلوصه من الشوائب المشينة
وبما أنا نورد فى مؤلفنا هذا ما بعد الاسلام فيجدر بنا أن نشير الى التحقيق فى صحة نقله والتثبت من جمعه وذكر أصوله كما سيأتى إن شاء الله مفصلا
فقد شمرنا عن ساعد الجد وبذلنا الهمة فى تحصيلة مدة غير وجيزة لاستخراجه من متفرقات كتب السنة والطبقات وبطون السير والتواريخ الصحيحة وعانينا تعبا كبيرا فى تخريجه من مكنونه وتسهيل السبل لمن يريد أصوله وقد اخترنا أوسع الروايات واصحها وتركنا الكثير منها خشية الاطالة والسآمة وتعدد المكرر وان كان لا يخلوا من الفوائد لاهل الذوق والدراية الا انا فى عصر قصرت فيه الهمم وكلت العزاثم وعسى أن يكون فيما أوردناه كفاية لاثبات ما نبغيه من هذا المؤلف ولا أكتم الحق فانى لست من ارباب هذه الصناعة ولا ممن زاول هذه البضاعة اذ لا مراء ان الذى غاب عنى يزيد عما أتيت به اضعافا مضاعفة وانما حبى لانصار الله ورسوله واحبائه دفعنى الى التقرب بخدمة هذا الحزب الكريم لتشملنى بركة أنصار السنة السمحاء وحماة الشريعة الغراء ولعلى لا احرم من دعوة رجل صالح فى كل عصر يمحوا الله بها سيآتى وما اقترفته جوارحى فى حياتى وأنى أقدم اعتذارى لحضرات المطلعين على هذا المؤلف من سلوكى به فى هذا المأزق ألحرج فان التأليف عرض عقل المرء فى سوق النقد وقلما ينجوا معروض من الانتقاد فان الكمال لله وحده ولم يمنح العصمه الا لانبيائه عليهم الصلاة والسلام
ومن ذا الذى ترضى سجاياه كلها* |
|
كفى المرء نبلا ان تعد معائبه |
وهذا أوان الشروع فى المقصود فنقول وبالله التوفيق والاعانة
مقدمة نذكر فيها نبذة تاريخيه عن دخول الفرس فى اليمن وسببه بمناسبة بزوغ فجر نور الاسلام فى عصرهم والتنوية بعظمة اليمن قبل الاسلام وسبب هجرة أولاد الحسن والحسين الى هذا القطر السعيد
فنقول كانت اليمن قد انحطت عظمتها وتقوضت صروحها وانهار مجدها الباذخ وسلطانها الشامخ الذى شيدته السبائيون ومن بعدهم يوم ان كانت باسطة سلطانها وسيادتها على ملوك العجم فى كثير من الازمان الغابرة والاجيال الماضية وكانت ملوك اليمن سندا وعضدا قويا لجميع العرب بمثابة خليفة المسلمين يحتمون بها ويستنجدون بقوتها وبطشها لصد غارات ملوك العجم كما هو مبسوط فى بطون التواريخ العديدة فتقلص