بغرضه نحو كسرى وأن يكون همزة وصل بينه وبين ما تكبد المشاق لاجله : فقال له ان لى وفادة فى كل سنة مرة وهذا وقتها قد حان فأوفده فى معيته وأدخله على كسرى وعرفه بمكانته من قومه فاحسن قراه وأكرم مثواه : ثم قص عليه حاجته وما حل بقومه ووطنه وطلب منه النجدة على اخراج الحبشة من أرضه وأطمعه فى اليمن وخيراتها : فقال له كسرى انى لا أحب أن أسعفك بحاجتك الآن لان بلادك بعيدة وسأنظر وأمر بانزاله دار الضيافة فأقام عنده ست سنين يلح عليه فى خلالها طلب النجدة حتى مات وكان له ولد باليمن اسمه سيف فلما علم بموت أبيه خرج من اليمن متنكبا قيصر الى ملك الفرس فاعترضه يوما وقد ركب فى حرسه وخواص أركان دولته وقال له أن لى عندك ميراثا فلما نزل كسرى دعا به وقال له من أنت وما ميراثك قال أنا ابن الملك اليمانى الذى وعدته النصرة فمات برحابك فتلك العدة حق وميراث لى فرق له كسرى وقال له إن بلادك بعيدة وخيراتها قليلة ولست اغرر بجيشى وأمر له بمال جزيل فخرج به ونثره تحت قصره فانتهبه النّاس فعلم بذلك كسرى فطلب احضاره وقال له ما حملك على فعلك هذا؟ فقال له انى لم آتك للمال بل للرجال لاخراج الحبشة من أرضى فان جبال بلادى ذهب وفضة لا مطمع لى فى المال فاستشار كسرى أركان دولته فاشار عليه وزيره الاكبر موبذان موبذ وقال أيها الملك أن لهذا الغلام حق بنزوحه اليك وموت أبيه ببابك وقد وعدته النصرة وفى سجونك رجال ذو ونجدة وبأس فلو ان الملك وجههم معه فان أصابوا ظفرا كان للملك وأن هلكوا فقد استراح واراح أهل مملكته من شرهم فاستحسن كسرى هذا الرأى وانجد الملك سيف بن ذى يزن بسبعة آلاف وخمسمائة وقيل ثمان مائة رجل وأمر عليهم وهرز الديلمى نزلوا بساحل عدن وأمر قائدهم وهرز بحرق السفن ليعلموا أن لا مفر ورائهم البحر وامامهم العدو فلما سمعت قبائل اليمن بعودة ابن مليكهم تهيؤ اللانتقاض على الحبشة واول من لبى نصرة سيف السكاسك من كندة فقابل ملك الحبشة مسروق ابن ابرهة جيش سيف بن ذى يزن وو هرز بمائة الف مقاتل من الحبشة واخلاط عرب اليمن وركب فيلا عظيما وعلى رأسه تاج متدلية منه ياقوتة حمراء بين عينيه مثل البيضة فلما رأى قلة جيش الملك سيف ووهرز تحول من ظهر الفيل الى ظهر الفرس ثم الى ظهر البغلة احتقارا وانفة من ان يحار بهم وهو على ظهر الفيل أو الخيل فعلم بذلك وهرز وقال بنت الحمار ذل وذل ملكه فلما التقى الجمعان وحمى وطيس القتال رمى وهرز مسروقا بسهم الى الياقوتة الحمراء التى بين عينيه فتغلغلت فى رأسه وخر صريعا فلما علمت الحبشة بمصرع مليكهم ذلت وحملت عليهم العرب والفرس واخذتهم