فيستحقون العقوبة بسبب ذلك ، لأنها تكون منصوصة لا سبيل إلى الإجتهاد فيها. ولعله خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب. لكونه في حال المرض ، فيصير سببا للفتنة ، فقال : حسبنا كتاب الله لقوله تعالى : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) (١). وقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٢) ، وكأنه رضياللهعنه أمن من ضلال الأمة ، حيث أكمل الله لها الدين ، وأتم عليها النعمة.
قال «رحمهالله» : هذا جوابهم وهو كما ترى ، لأن قوله «عليهالسلام» : لا تضلوا ، يفيد : أن الأمر أمر عزيمة وإيجاب ، لأن السعي فيما يوجب الأمن من الضلال واجب مع القدرة بلا ارتياب ، واستياؤه «صلىاللهعليهوآله» منهم.
وقوله لهم : قوموا حين لم يمتثلوا أمره ، دليل آخر على أن الأمر إنما كان للإيجاب لا للمشورة.
قال : [فإن قلت :] لو كان واجبا ما تركه النبي «عليهالسلام» بمجرد مخالفتهم ، كما أنه لم يترك التبليغ بسبب مخالفة الكافرين.
فالجواب : أن هذا الكلام لو تم فإنما يفيد كون كتابة ذلك الكتاب لم تكن واجبة على النبي بعد معارضتهم له «عليهالسلام» ، وهذا لا ينافي وجوب الإتيان بالدواة والبياض عليهم حين أمرهم النبي به ، وبين لهم أن فائدته الأمن من الضلال ، إذ الأصل في الأمر إنما هو الوجوب على المأمور
__________________
(١) الآية ٣٨ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ٣ من سورة المائدة.