على أنهم إنما تركوا من الواجبات ما هو أوجبها وأشدها نفعا ، كما هو معلوم من خلقه العظيم.
قال : فالأولى أن يقال في الجواب : هذه قضية في واقعة كانت منهم على خلاف سيرتهم كفرطة سبقت ، وفلتة ندرت ، لا نعرف وجه الصحة فيها على سبيل التفصيل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ثم عقب آية الله السيد شرف الدين «رحمهالله» عليه بما يلي :
«قالوا في الجواب الأول : لعله «صلىاللهعليهوآله» حين أمرهم بإحضار الدواة لم يكن قاصدا لكتابة شيء من الأشياء ، وإنما أراد مجرد اختبارهم لا غير.
فنقول ـ مضافا إلى ما أفدتم ـ : إن هذه الواقعة إنما كانت حال احتضاره ـ بأبي وأمي ـ كما هو صريح الحديث ، فالوقت لم يكن وقت اختبار ، وإنما كان وقت إعذار وإنذار ، ونصح تام للأمة ، والمحتضر بعيد عن الهزل والمفاكهة ، مشغول بنفسه ومهماته ومهمات ذويه ، ولا سيما إذا كان نبيا.
وإذا كانت صحته مدة حياته كلها لم تسع اختبارهم ، فكيف يسعها وقت احتضاره؟
على أن قوله «صلىاللهعليهوآله» ـ حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده ـ : «قوموا» ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لاستحسن ممانعتهم ، وأظهر الإرتياح إليها.
ومن ألمّ بأطراف هذا الحديث ، ولا سيما قولهم : «هجر رسول الله» يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمرا يكرهونه ، ولذا فاجؤوه بتلك الكلمة ، وأكثروا عنده اللغو واللغط ، والإختلاف ، كما لا يخفى.