وواضح : أن التعاطي مع اليهود والاحتجاج عليهم ، إنما كان في المدينة بعد الهجرة ، مع ملاحظة أن للآية مناسبة خاصة نزلت فيها ، مما يدل على أن هذا قد كان نزولا آخر لها غير نزولها في ضمن السورة ..
١٠ ـ وفي نص آخر ، عن سعيد بن جبير : أنها نزلت في مالك بن الصيف حينما ناشده النبي «صلىاللهعليهوآله» هل يجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين؟! ، فغضب. (وكان حبرا سمينا) فأنكر ، وقال : والله ما أنزل الله على بشر من شيء ، فقال له أصحابه : ويحك ، ولا على موسى؟.
قال : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فأنزل الله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (١)» (٢) ..
١١ ـ وعن محمد بن كعب القرظي : جاء ناس من اليهود إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وهو محتب. فقالوا : يا أبا القاسم ، ألا تأتينا بكتاب من السماء ، كما جاء به موسى ألواحا؟! ..
فأنزل الله : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) (٣) ..
فجثا رجل من اليهود ، فقال : ما أنزل الله عليك ، ولا على موسى ، ولا على عيسى ، ولا على أحد شيئا.
__________________
(١) الآية ٩١ من سورة الأنعام.
(٢) الدر المنثور ج ٣ ص ٢٩ عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وتخريج الأحاديث والآثار ج ١ ص ٤٤٣ وراجع : تفسير الثعالبي ج ٢ ص ٤٩٢ وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص ١٤٧.
(٣) الآية ١٥٣ من سورة النساء.