واللّبس الكثير اللباس ، والعمل الدائم العمل.
وتقول في المرأة : قولية ، وضربيّة ، وقالوا : رجل نهر ، يريدون ، نهاريّ ، أي صاحب عمل بالنهار دون الليل ، قال الشاعر :
لست بليّليّ ولكنّي نهر |
|
لا أدلج اللّيل ولكن أبتكر (١) |
قوله : نهر ، يريد نهاريّ ، كما أن قوله عمل ، كقولك : عمليّ وقالوا : رجل حرح ، ورجل سته ، كأنه قال حريّ واسنيّ نسبه إلى ذلك ، لضرب من الملازمة له.
وقال أبو عمر الجرمي : يقال رجل طعن : كثير الطعن.
قال سيبويه : وسألته ـ يعني الخليل ـ عن قولهم : موّت مائت ، وشغل شاغل ، وشعر شاعر فقال : إنما يريدون المبالغة ، والإجادة ، وهو بمنزلة قولهم : همّ ناصب ، وعيشة راضية ، في كل هذا وقد اختلفت النسخ في الإجازة ، ففي بعضها الإجازة بالزاي وفي بعضها الإجادة ، فأما الذي يقول الإجازة ، فمعناها النفوذ ، كأنه قال في المبالغة ، والنفوذ فيما أريد به والذي يقول الإجادة ، يريد الجودة.
ورأيت بعض من يحقق يقول في قولهم : شعر شاعر ، كأنه جيد يستغنى بنفسه عن نسبه إلى شاعر فكأنه هو الشاعر.
وعندي على هذا يجوز أن يكون" شغل شاغل" كأنه يشغل عن معرفة سببه ، وموت مائت يذهل عن معرفة سببه لشدته.
قال أبو سعيد : ونظرت فيما ذكر أصحابنا ، فيما قدمته وفي قولهم : عيشة راضية ، فرأيت عيشة راضية تقدح فيما عللوا به ، إسقاط الهاء ؛ لأنهم ذكروا أن حائضا ، وما جري مجراه ، سقطت الهاء منه لأنه لم يجر على" فعل" وقد ذكروا هم : أن عيشة راضية ، غير جارية على فعل ؛ لأن العيشة هي مرضية ، وإنما فعلها رضيت ، فحملوها على أنها ذات رضى من أهلها بها ثم قد أنّثت ويجوز أن تحمل عيشة راضية على أحد وجهين :
أحدهما : أن تكون عيشة رضيت أهلها ، فهي راضية ، كقولك ملازمة لهم.
والآخر : أن تكون الهاء دخلت للمبالغة ، كما يقال رجل راوية وعلامة.
ويجوز أيضا فيه وجه ثالث : وهو أنهم ألزموه الهاء ؛ لأن الياء تسقط لو لم تكن هاء ،
__________________
(١) البيت بلا نسبة في الكتاب ٣ / ٣٨٤ ، والمخصص ٩ / ٥١ ، واللسان (ليل) ، و (نهر).