فإذا حقرت (عبدّى) حذفت الألف فقلت : (عبيدّ) ولا تحذف إحدى الدالين ؛ لأنها ليست من حروف الزيادة ، وإنما تدخل للتضعيف وتجري مجرى ما ألحق بناء ببناء ، وإن لم يكن ل (عبدّى) من الرباعي ما ألحق عبدّ به ، وصارت الألف بمنزلة نون (عفنجج) ، وإحدى الدالين بمنزلة إحدى الجيمين في (غفنجج) ، ولا تحذف من (عفنجج) غير النون.
وإذا حقرت (بروكاء) و (جلولاء) قلت : (بريكاء) و (جليلاء) ، وهذا وما جري مجراه مما رده أبو العباس المبرد على سيبويه ؛ لأنه قال : إن آخر (جلولاء) ، و (بروكاء) ألفان للتأنيث بمنزلة ألفي (حمراء) ، وهي نظيرة الهاء ولا خلاف بينهم أنه إذا حقر (جلولة) و (بروكة) حقر (جلول) و (بروك) فيقال : (جليّل) و (بريّك) ثم تلحق هاء التأنيث فيقال : (جليّلة) و (بريكة) ، وسيبويه (حذف) الواو من (بروكاء) و (جلولاء) فصغر على الحذف ، فصار (جليل) و (بريك) ، وألحق ألفي التأنيث ، فيقال له إن كان ألفا التأنيث معتدا بهما فينبغي أن لا يصغر الصدر ، ويجعل تصغيره كتصغير (علباء) و (حرباء) و (منصور) فتقول : (عليبيّ) و (حريبيّ) و (منيصير).
وكذلك على قوله : إذا حذف الواو وكانت الألف بمنزلة ما هو من نفس الحرف أن يقول : " جليليّ" و" بريكيّ" ولا يقول هذا أحد ، وإن كانت الألفان بمنزلة شيء ضم إلى الأول فينبغي أن يصغر الأول بأسره ، ثم تلحقه ألفي التأنيث فهذا طريق احتجاج أبي العباس عليه.
قال أبو سعيد : والذي عندي أن ألفي التأنيث تشبه هاء التأنيث من وجه ، وتخالفها من وجه ، وذلك أنا رأينا ألفي التأنيث في الجمع قد أجريت مجرى ما هو ملحق بالأصل ؛ لأنهم قالوا : (صحراء) و (صحاريّ) ، و (عذراء) ، و (عذاريّ) كما قالوا : (حرباء) و (حرابيّ) فلما رأيناها قد أجريت مجرى ما هو من الأصل لغير التأنيث ولم يفعل ذلك بالهاء ، استعملت لما كثرت حروفه ما يستعمل في تصغير (الترخيم) ، وهو أن تحذف منه الزائد الذي فيه ، وهو الواو كما قالوا في تصغير (فاطمة) : (فطيمة) وفي (أزهر) : (زهير) وفي أحمد : (حميد) ، وذلك لما كثرت الحروف وكان في آخرها حرفا التأنيث وهي علامة كالهاء فلم يجدوا سبيلا إلى حذفها وجعلوا ما حذفوا منها كحذفهم ألف (برانك) و (عذافر) دون الكاف والراء.