وهو" ما" و" ما" لا تصغر فجعلوه واقعا على الفعل لأنهم لو عدلوا عن" ما" إلى لفظ آخر لبطل معنى التعجب.
والوجه الثاني قد خولف به مذهب الأفعال فصححوه كما يصح هو أفعل منك ، وهما يتساويان في معنى التفضيل وفي وزن الفعل وتصحيحه حيث قالوا : (ما أقوم زيدا) كما قالوا : (وهذا أقوم منك) وهم يقولون في غير هذا : أقام يقيم.
والوجه الثالث أن قولهم : (ما أميلح زيدا) إنما يريدون الملاحة ونقصانه عما هو أفضل منه ، وذلك لا يتبين إلا في لفظ (أملح) ، لأنهم لو صغروا (زيدا) جاز أن يكون محقرا في معنى غير الملاحة فجعلوه في لفظ (أملح) وصار بمنزلة قولك (زيد مليّح).
قال سيبويه : حقروا هذا اللفظ يعني (أميلح زيدا) وإنما يعنون الذي نصفه بالملح ، كأنك قلت : (مليّح) شبهوه بالشيء الذي تلفظ به وأنت تعني شيئا آخر نحو قولك بنو فلان يطؤهم الطريق وصيد عليه يومان.
ومعنى تطؤهم الطريق يريدون يطؤهم أهل الطريق الذي يمرون فيه فحذف" أهلا" وأقام الطريق مقامهم. ومعنى يطؤهم الطريق يريد أن بيوتهم على الطريق فمن جاز فيه رآهم وصيد عليه يومان إنما معناه صيد عليه الصيد في يومين وحذف الصيد وأقام" اليومين" مقامه.
قال : ولا تصغر علامات الإصغار نحو (هو) و (أنا) و (نحن) من جهتين : أحدهما أن الإضمار يجري مجرى الحروف ولا تحقر الحروف. والأخرى أن أكثر الضمائر على حرف واحد أو حرفين. وليست بثابتة أسماء للشيء الذي أضمر.
فإن قال قائل : فقد حقروا المبهمات وهي مبنيات ، تجري مجرى الحروف ، وفيها ما هو على حرفين ، وكذلك (الذي) وتثنيتها وجمعها.
فالجواب أن المبهم قد يجوز أن يبتدأ به كقولك : (هذا زيد) ، وما أشبه ذلك ، وليس فيه شيء يتصل بالفعل ، ولا يجوز فصله ، كالكاف في (ضربتك) والتاء في (قمت) و (قمتما) ، وما أشبه ذلك ، فأشبه المبهم الظاهر ، لقيامه بنفسه ولا تصغّر (غير) و (سوى) و (سواء) اللذين في معنى (غير) ولسن بمنزلة (مثل) لأن (مثلا) إذا صغرته قلت المماثلة ، والمماثلة تقل وتكثر ، فتفيد بالتصغير معنى يتفاضل ، و (غير) هو اسم لكل ما لم يكن المضاف إليه وإذا كان شيء غير شيء فليس في كونه غيره معنى يكون أنقص من معنى كما كان في (المماثلة) ألا ترى أنه يجوز أن تقول : هذا أكثر (مماثلة) لذا من (غيره) وهذا