قال : " وتقول : أجرب الرجل وانحز وأحال ، أي صار صاحب جرب وحيال ونحاز في ماله". وهذا الباب يجيء على أربعة أوجه : منها أن يكون الرجل صاحب شيء قد صار بتلك الصفة كقولنا : رجل" مشدّ مقطف ومقو" ، أي صاحب إبل قويّة وخيل تقطف وإبل شداد. وعلى هذا يقال : امرأة مطفل أي لها أطفال ، وظبية مشدن مغزل ، أي ولدها غزال وشادن. ومن ذلك يقال : فلان خبيث مخبث ، أي هو خبيث في نفسه ، وله أصحاب خبثاء ، ومنها أن يقال لمن يصادف الشيء على صفة أفعلته ، أي صادفته كذلك ، كقولك : أبخلت الرجل ، أي وجدته بخيلا. وروي أن عمرو بن معد يكرب سأل مجاشع بن مسعود السّلميّ بالبصرة فمدح بني سليم ، فقال : (سألناكم فما أبخلناكم ، وقاتلناكم فما أجبناكم ، وهاجيناكم فما أفحمناكم) ، أي ما وجدناكم بخلاء ولا جبناء ولا مفحمين. ومنها أن يأتي وقت يستحق فيه شيء فيقال لمستحقّه ذلك ، كقولك :
" أصرم النخل وأمضغ وأحصد الزرع وأجزّ النخل وأقطع ، أي قد استحق أن يصرم ويمضغ ويحصد. ويقال في قولهم :
" ألام الرجل ، أي صار صاحب لائمة" ، أي صاحب من يلومه ، فإذا صار له لوّام قيل : مليم ، كما يقال لصاحب الإبل الجربى : مجرب ، ويقال : إنه قيل له : ألام لأنه استحق أن يلام ، فصار بمنزلة قولهم : أصرم النخل.
ووجه رابع أن يقال : أفعل من الدخول في الشيء ، كقولك : أفجرنا ، أي دخلنا في وقت الفجر ، وأمسينا وأصبحنا وأظهرنا دخلنا في المساء والصباح والظّهر ، ومنه يقال : أشملنا وأجئبنا وأصبينا وأدبرنا وإذا دخلنا في الشمال والجنوب ، والصبّا والدّبور.
ويقال : أشهرنا إذا دخلنا في الشهر ، قال الشاعر :
ما زلت مذ أشهر السّفّار أنظرهم |
|
مثل انتظار المضحّي راعي الإبل (١) |
وإنما يستعمل ذلك في الأوقات وما جرى مجراها.
قال : " وتقول لما أصابه : هذا نحز وجرب وحالت الناقة"
يعني أنه ليس يقال للبعير الذي أصابه الجرب في نفسه مجرب ، ولا للذي أصابه النحاز منحز ، إنما يقال : منحوز ، والمنحز صاحبه ، والنّحاز : السّمال ، وفي غير ذلك إذا لم يكن على الوجوه التي ذكرناها لام الرجل صاحبه وصرم النخل وجذّه وقطفه وما أشبه ذلك.
__________________
(١) بلا نسبة في المخصص ١٤ / ١٧٠ ، واللسان (شهر).