قال سيبويه : " ومثل ذلك : أسمنت وأكرمت فأربط"
يقال ذلك للرجل إذا وجد شيئا نفيسا يرغب فيه أن يتمسك به ، فمعنى أسمنت أي وجدت سمينا ، وأكرمت أي وجدت فرسا كريما أو غير ذلك ، فاربط ، أي اتّخذه.
قال : " فأما أحمدته فوجدته مستحقا للحمد. وقالوا : أراب ، كما قالوا : ألام ، أي صار صاحب ريبة ، كما قالوا : ألام ، أي استحق أن يلام. وأما رابني فتقول : جعل فيّ ريبة ، كما تقول : قطعت النخل ، أي أوصلت إليه القطع"
فأراب غير متعد ، وراب متعد ، لا تقل أرابني ولا أربته ، لأنك لم تفعل به إلا رابة ، وإنما استوجبت الريبة أو صرت صاحب ريبة. وقال بعض أهل اللغة : رابني إذا تبيّنت منه الريبة ، وأراب إذا اتّهم به ولم تتبيّن ، ولذلك قال بعض الشعراء :
أخوك الذي إن ربته قال : إنما |
|
أربت ، وإن عاتبته لان جانبه (١) |
فمعناه إن تبيّن منك ريبة قال لم أتبيّن بعد.
ومثل ذلك : أبقّت المرأة ، وأبقّ الرجل إذا كثر أولادهما ، وهو يدخل في باب المجرب والمنجز ، أي لهما أولاد كثير ، وإن جئت بالفعل من ذلك قلت :
بقّت المرأة ولدا ، وبقّت كلاما ، كقولك : نثرت ولدا ونثرت كلاما ، ومثل المجرب المقطف والمعسر والموسر والمقلّ. وأما عسّرته فمعناه ضيّقت عليه ، ويسّرته وسعت عليه. وقد يكون فعلت وأفعلت بمعنى واحد.
كأن كل واحد منهما لغة لقوم ثم تختلط ، فتستعمل اللغتان كقولك :
قلته البيع وأقلته ، وشغله وأشغله ، وصرّ أذنيه وأصرّ إذا أقامهما ، وبكر وأبكر.
وقالوا : بكّر فأدخلوها مع أبكر ، فبكّر أدخل مع أبكر.
كما قالوا : أدنف فبنوه على أفعل ، وهو من الثلاثة ، ولم يقولوا : دنف.
يريد أن الباب من الثلاثة في الأمراض أن يجيء على فعل ، فلم يستعملوا ما يوجبه الباب وهو دنف ، واستعملوا أدنف.
وقالوا : أشكل أمرك ولم يستعملوا غيره ، وقالوا : حرثت الظّهر أي أتعبته ، والظّهر المركوب ، وأحرثت.
__________________
(١) الشاهد في قوله (ربته) ، انظر المخصص : ١٤ / ١٧٠ ، ومعاني القرآن للزجاج : ١ / ٣١ ، والحماسة البصرية : ٢ / ٣٤ ، والقصائد السبع ص : ٤٧١ ، واللسان (أربت).