وذلك قولك : انقاد انقيادا ، وانحاز انحيازا ، واكتال اكتيالا ، واختار اختيارا.
قال سيبويه : " وأما عزّيت تعزية ونحوها فلا يجوز الحذف فيه ولا فيما أشبهه ، لأنهم لا يجيئون بالياء في شيء من بنات الياء والواو مما هما في موضع اللام ، وقد يجيء في الأول نحو : الإحواذ والاستحواذ ونحوه"
يريد أن ما كان على فعل فمصدره التفعيل أو تفعلة في الصحيح ، كقولك : كرّمته تكرمة وتكريما ، وعظّمته تعظمة وتعظيما ، والباب فيه تفعيل ، فإذا كان لام الفعل منه معتلا ألزموه تفعلة كتكرمة كراهة أن يقع الإعراب على الياء ، وأرادوا أن تعرب الهاء ، وتكون الياء مفتوحة أبدا ، كقولك : عزيته تعزية ، وسويته تسوية ، ولم يقولوا عزّيته تعزيّا ، وهذا تعزيّك ، وعجبت من تعزيك ؛ لأن لهم عنه مندوحة باستعمالهم الوجه الآخر.
وفرق سيبويه بين هذا وبين (إقام الصلاة) ، فلم يجز في هذا حذف الهاء ، كما أجاز في (إقام الصلاة) بأن قال : " إنه قد جاء في باب إقام الصلاة المصدر على الأصل بغير هاء ، كقولهم : الإحواذ والاستحواذ ، ولم يقولوا في هذا الباب بإسقاط الهاء".
قال أبو سعيد : وقد جاء في الشعر ، قال الراجز :
بات ينزي حوضة تنزيّا |
|
كما تنزي شهلة صبيّا (١) |
قال سيبويه : " ولا يجوز حذف الهاء في تجزئة وتهنئة ، وتقديرهما تجرعة وتهنعة ؛ لأنهم ألحقوا الهاء بأختيها من بنات الياء والواو كما ألحقوا حين قالوا : أريت وأقمت"
قال أبو العباس المبرد : الذي قاله في تفعلة مصدر فعلت من الهمز جيد بالغ ، والإتمام على تفعيل كغير المعتل أجود وأكثر عن أبي زيد وجميع النحويين ، تقول : هنأته تهنيئا وتهنئة ، وخطّأته تخطيئا وتخطئة.
قال أبو سعيد : الذي عنده أن سيبويه لم يرد ما قاله أبو العباس من الإتيان بالمصدر على التمام ، وإنما أراد أنه لا يجوز حذف الهاء من الناقص من تفعلة كما جاز في (إقام الصلاة) ، لا تقول : جزأته تجزئا (ولا هنّأته) تهنئا ، والدليل على ذلك أن سيبويه قال في باب المفعول الذي يتعداه فعله إلى مفعولين : " ونبّئت تنبيئا" ، ولو كان ذلك لا يجوز عنده ما استعمله.
__________________
(١) بلا نسبة في الخصائص ٢ / ٣٠٢ ، والمنصف ٢ / ١٩٥ ، وشرح الشافية ١ / ١٦٥ ، واللسان (نزا).