بنوه على حركة.
وإذا أردت" قطّ" المشددة ، التي هي لما مضي من الدهر كانت مبنية على الضم ، لاجتماع الساكنين ، ومشبهة بمنذ ؛ لأنها في معنى منذ ، فإذا قلت ما رأيته قط ، فكأنك قلت ما رأيته منذ كنت.
وقولهم" لد" بضم الدال محذوفة من" لدن" والضمة تلك الضمة ، والدليل على ذلك أنك إذا أضفت" لدن" إلى مني رددت النون ؛ لأن الإضافة قد ترد الأشياء الذاهبة ، فتقول : هذا من لدنك ولا تقول : من لدك ، كما تقول : من لد زيد.
قال : وسألت الخليل عن" معكم" ، " ومع" لأي شيء نسبتها ولم لم تبن على السكون؟ فقال : لأنها استعملت غير علم كجميع ووقت نكرة ، وذلك قولك : جاءا معا ولا تضاف" مع" في هذا الموضع ، فلما أعرب معا للموضع المنكور المفرد وجب تحريكه في الإضافة.
قال أبو سعيد : وإنما وجب إفراده في هذا الموضع ؛ لأنّا إذا أضفنا ، فقلنا : ذهب زيد مع عمرو فقد ذكرنا اجتماعه مع عمرو وأضفنا" مع" إلى غير الأول ، وإذا قلنا : ذهبا معا ، فليس في الكلام غيرهما تضيف" مع" إليه ولا يجوز أن تضيف" مع" إليهما. كما تقول : ذهب زيد مع نفسه ، ونصب" معا" على الحال في قولك ذهبا معا ، كأنك قلت : ذهبا مجتمعين ، ويجوز أن يكون على الظرف كأنه قال : ذهبا في وقت اجتماعهما.
وقد يسكن في الشعر يشبه ب" لدن" وب" هل" وما أشبه ذلك من المسكنات.
قال الشاعر :
وريشي منكم وهواي معكم |
|
وإن كانت زيارتكم لماما (١) |
قال : وأما" منذ" فضمّت ، لأنها للغاية ، ومع ذا أن من كلامهم أن يتبعوا الضم الضم كما قالوا : ردّ يا فتى.
قال أبو سعيد : إن سأل سائل لم سمّى سيبويه" منذ" غاية؟ وقد فسر أبو العباس المبرد الغاية في قبل وبعد ، أنها لما حذف المضاف إليه ، وقد كان غاية الاسم واقتصروا على المضاف صار هو المنتهى والغاية.
__________________
(١) البيت لجرير في ديوانه ٥٠٦ ، وابن يعيش ٥ / ١٣٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٦٥.