وسألته عن قولهم : زيد أسفل منك فقال : هذا ظرف كقوله عزوجل : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)(١)
كأنه قال : زيد في مكان أسفل من مكانه ، ومثل هذا الحذف في" أول" لكثرة استعمالهم إياه قولهم : لا عليك فالحذف في هذا الموضع كهذا.
ومثله : هل لك في ذلك ، ومن له في ذلك ، ولا يذكروا له حاجة ولا لك حاجة ، ونحو هذا أكثر من أن يحصى. وقال الشاعر :
يا ليتها كانت لأهلي إبلا |
|
أو هزلت في جدب عام أولا (٢) |
" فأولا" يكون على الوصف والظرف ؛ لأنه لا ينصرف.
وقد كان الزجاج يجيز أن يكون منع" أول" الصرف كما منع" أمس" الصرف في لغة بني تميم ؛ لأنه استعمل في الكلام بغير إضافة ، فصار كالمعدول ، كأخر وأمس في لغة بني تميم.
قال سيبويه : وسألته عن قوله من دون ، ومن تحت ، ومن فوق ، ومن قبل ، ومن بعد ، ومن دبر ، ومن خلف. فقال : أجروا هذا مجرى الأسماء المتمكنة لأنها تضاف وتستعمل غير ظرف ، ومن العرب من يقول : من فوق ومن تحت يشبهها ب" قبل" و" بعد".
وقال أبو النجم :
أقبّ من تحت عويض من عل (٣)
وقال آخر :
لا يحمل الفارس إلا الملبون |
|
المحض من أمامه ومن دون (٤) |
وكذلك من أمام ، ومن قدام ، ومن وراء ، ومن قبل ومن دبر ، وزعم الخليل أنهن نكرات كقول أبي النجم.
__________________
(١) سورة الأنفال ، من الآية ٤٢.
(٢) البيت بلا نسبة في الكتاب ٢٢٩ ، وابن يعيش ٦ / ٣٤ ، واللسان (وأل).
(٣) البيت في الكتاب ٣ / ٢٩٠ ، وشواهد المغني للسيوطي ١٥٤ ، واللسان (علا).
(٤) البيت بلا نسبة في الكتاب ٣ / ٢٩٠ ، والتصريح ٢ / ٥٢ ، واللسان (لبن).