يأتي لها من أيمن وأشمل (١)
وزعم أنهن نكرات إذا لم يضفن إلى معرفة ، كما يكون أيمن وأشمل نكرة ، وسألنا العرب فوجدناهم يوافقونه ، يجعلونه كقولك : من يمنة وشأمة ، وكما جعلت ضحوة نكرة وبكرة معرفة.
وإنما ذكر سيبويه الشاهد في قوله : " ومن دون" ؛ لأنه لم يضف ، وليس فيه دليل على التنكير والتعريف ؛ لأنه يحتمل أن يقال : من دون فيكون نكرة ، ويحتمل أن يكون من دون بالضم ويكون معرفة ، إلا أن الشعر موقوف ، ويحتمل أن يقال المحض بالنصب على معنى إلا الملبون المحض ، أي المسقى اللبن المحض.
قال : وأما يونس فكان يقول : من قدّام لا يصرفه لاجتماع التأنيث والتعريف فيه.
قال : وهذا مذهب في القياس ، إلا أنه ليس يقوله أحد من العرب.
قال : وسألنا العلويين والتميميين فرأيناهم يقولون : من قديديمة ، ومن ورّيئة ، على حد قولك : من دون ، ومن أمام ، قال النابغة الجعدي"
لها فرط يكون ولا تراه |
|
أماما من معرّسنا ودونا (٢) |
وذكر" هيهات" وما فيها ، وقد تقدم شرحنا له وكذلك" ذية" وقد بني على فتحة ، وقبلها متحرك ، وما كان من المبنيات من هذا النحو أسكن آخره إذا كان قبل آخره حركة ، فالسبب في حركة آخر" ذية" أنا لو سكناها لوجب أن نجعلها هاء ؛ لأن ما كان من المؤنث بالهاء جعلت في الدرج" تاء" وفي الوقف" هاء" ، فلو سكناها لوجب أن نجعلها أبدا هاء ، فكانت تذهب التاء وهي أصل التأنيث.
ويجوز أن يكون أيضا أن لو تركوها هاء على كل حال لتوهم أنها هاء أصلية.
على أن سيبويه جعلها بمنزلة" عشر" في خمسة عشر ، وأنه كشيئين جعلا كشيء واحد ففتح آخره ، وإذا خففت ففيها ثلاث لغات ذيت : بالفتح والضم والكسر.
فمن يقول : ذيت فهو بمنزلة حيث وأين.
__________________
(١) البيت في الكتاب ٣ / ٢٩٠ ، وابن يعيش ٥ / ٤١ ، والخصائص ٢ / ١٣٠ ، والخزانة ١ / ١٠٤ ، واللسان (شمل).
(٢) ديوانه ٢١٠ ، والكتاب ٣ / ٣٩١ ، واللسان (دون).