مليحي. وهذا الشذوذ يجيء على ضروب منها : العدول من ثقيل إلى ما هو أخف منه ، ومنها الفرق بين نسبتين إلى لفظ واحد ، ومنها التشبيه بشيء في معناه ، فإنما قولهم زباني في زبينة فكان القياس فيه زبني بحذف الياء ، غير أنهم كرهوا حذفها لتوفية الكلمة حروفها ، وكرهوا الاستثقال أيضا ، فأبدلوا من الياء ألفا ، وأما النسبة إلى طيء فكان القياس فيه طييّء كما ينسب إلى ميّت ميتى وإلى هيّن هيني ، وكرهوا اجتماع ثلاث ياءات بينهما همزة ، والهمزة من مخرج الألف وهي تناسب الياء وهي مع ذلك مكسورة فقلبوا الياء ألفا ويجوز أن يكون نسبوا إلى ما اشتق منه.
ذكر بعض النحويين أن طيئا مشتق من الطاءة والطاءة بعد الذهاب في الأرض وفي المرعى ، ونجد أن الحجاج قال لصاحب خيله : ابغني فرسا بعيد الطاءة ، وفى بعض الأخبار : فكيف بكم إذا انطاءت الأسعار ، أي غلت وبعدت على المشتري.
وأما قولهم في العالية علوي ، فإنما نسبوا إلى العلو ؛ لأنه في معنى العالية ، والعالية بقرب المدينة مواضع مرتفعة على غيرها ، والعلو المكان العالي ، ويجوز أن يكون أراد الفرق بين النسبة إليها والنسبة إلى امرأة تسمى بالعالية ، وإذا نسبت إلى العالية على القياس قيل عليّ أو عالويّ. وأما قولهم في البادية بدوي فنسبوا إلى بدا وهو مصدر أو الفعل الماضي من بدا يبد ، وإذا أتى البادية وفيها ماء يقال له بدا. قال الشاعر :
وأنت التي حببت شغبا إلى بدا |
|
إليّ وأوطانى بلاد سواها (١) |
والنسبة إليها على القياس باديّ أو بادويّ.
وقالوا في البصرة بصري والقياس بصري ، فأما كسر الباء فمن الناس من يقول : نسبوه إلى" بصر" وهي حجارة بنص تكون في الموضع الذي سمي بالبصرة ، وإنما نسبوا إلى ما فيها.
قال الشاعر :
إن تك جلمود بصر لا أؤيسه |
|
أوقد عليه فأحميه فينصدع (٢) |
__________________
(١) البيت لكثير في اللسان : (بدا) ، والخزانة : ٩ / ٤٦٢ ، والمغني : ١٦٢ ، والهمع : ٢ / ١٣١ ، وشرح الكافية للرضي : ٢ / ٣٢٤.
(٢) لعباس بن مرداس في اللسان (بسر).