ومما جاء محدودا عن بنائه محذوفة منه إحدى الياءين ياءي الإضافة قولك في الشام : شآم ، وفى تهامة تهام ، ومن كسر التاء قال : تهامي وفى اليمن يمان. وزعم الخليل أنهم ألحقوا هذه الألفات عوضا من ذهاب إحدى الياءين ، وكأن الذين حذفوا الياء من ثقيف وأشباهه جعلوا الياءين عوضا منها ، فقلت أرأيت تهامة أليس فيها الألف فقال : إنهم كسروا الاسم على أن يجعلوه فعليّيا أو فعليا ، فلما كان من شأنهم أن يحذفوا إحدى الياءين ردوا الألف كأنهم بنوه تهمي أو تهمي فكأن الذين قالوا تهام هذا البناء كان عندهم في الأصل ، وفتحة التاء من تهامة حيث قالوا تهام تدلك على أنهم لم يدعوا الاسم على بنائه ، ومنهم من يقول تهامي ويماني وشامي فهذا كبحراني وأشباهه مما غيّر بناؤه في الإضافة.
وإن شئت قلت : يمنيّ ، وزعم أبو الخطاب أنه سمع من العرب من يقول في الإضافة إلى الملائكة والجن روحاني أضيفت إلى الروح ، والجميع روحانيون ، وزعم أبو عبيدة أن العرب تقوله لكل شيء فيه الروح من الناس والدواب والجن. وزعم أبو الخطاب أنه سمع من العرب من يقول : شامي ، وجميع هذه إذا صار اسما في غير هذا فأضفت إليه جرى على القياس كما يجري تحقير ليلة وإنسان ونحوهما إذا حولتهما فجعلتهما اسما علما. وإذا سميت رجلا زبينة لم تقل زباني أو دهرا لم تقل دهريّ ، ولن تقول في الإضافة إليه : زبنيّ ودهريّ.
قال أبو سعيد : أنا أعيد ما ذكره سيبويه فإذا ما أمللته وأذكر فيه ما يمكن من الأشياء الداعية إلى الشذوذ والخروج عن القياس في ذلك بعون الله ومشيئته. أما ما ذكره من النسبة إلى هذيل هذلي فهذا الباب عندي لكثرته كالخارج من الشذوذ.
وذلك خاصة في العرب الذين بتهامة : وما يقرب منها ؛ لأنهم قد قالوا قرشي وهذلي وفى فقيم كنانة فقمي ، وفى مليح خزاعة ملحي ، وفى سليم سلمي ، وفى خثيم وقريم وخريب وهم من هذيل قرمي وخثمي وخربي ، وهؤلاء كلهم متجاورون بتهامة وما يدانيها. والعلة في حذف الياء أنه يجتمع ثلاث ياءات وكسرة إذا قالوا قريشي فعدلوا إلى الحذف لذلك ، وكذلك الكلام في ثقفي ، وإنما قال فقيم كنانة ؛ لأن في بنى تميم فقيم بن جرير بن دارم والنسبة إليه فقيمي. وإنما قال : مليح خزاعة ؛ لأن في العرب مليح بن الهون بن خزيمة وفي السّكون مليح بن عمرو بن ربيعة. وينبغي أن تكون النسبة إليها