ثم قال : والأجود يوم الدفع ، ثم احتج على ذلك بأن الثابت في الذمة المثل ، ولا يبرئ الا بالمعاوضة عليه انتهى. وفيه تأييد لما ذكرناه من أن مجرد المطالبة لا يوجب الانتقال إلى القيمة استصحابا لبقاء ما كان ثابتا قبلها الى وقت التسليم ، فإنه هو الذي يوجب الانتقال إلى القيمة كما عرفت.
وعلل الوجه الأول بسبق علم الله تعالى بتعذر المثل وقت الأداء ، فيكون الواجب حينئذ انما هو القيمة يومئذ. ورد بأنه لا منافاة بين وجوب المثل وقت القرض طردا للقاعدة الإجماعية ، والانتقال إلى القيمة عند المطالبة لتعذره.
أقول ويؤيده ان الأحكام الشرعية لا يناط بعلم الله سبحانه ، ولا بالواقع ونفس الأمر ، وانما تبتنى على الظاهر من حال المكلف ويسره وعسرة ، وقدرته وعدم قدرته وعلمه وجهله ، ونحو ذلك.
وعلل الوجه الثاني بأنه وقت الانتقال الى البدل الذي هو القيمة. ورد بأن التعذر بمجرده لا يوجب الانتقال إلى القيمة لعدم وجوب الدفع ، وحينئذ فيستصحب الواجب الى أن يجب دفعه بالمطالبة ، فحيث لم يوجد وقت المطالبة ينتقل إلى القيمة ، وأنت خبير بما في هذه التعليلات من عدم الصلاحية لتأسيس الأحكام الشرعية مع فرض سلامتها من المناقشات ، وان كان القول بالقيمة وقت المطالبة والتسليم أقرب الى الاعتبار ، وقد تقدم الكلام في نظير هذه المسئلة ، هذا بالنسبة إلى المثلي.
وأما القيمي فالكلام فيه في موضعين : أحدهما في بيان ما هو الواجب في عوضه وفيه أقوال : أحدها ـ وهو المشهور قيمته مطلقا ، لعدم تساوى أجزائه واختلاف صفاته ، فالقيمة فيه أعدل.
وثانيها ـ ما أشار إليه في الشرائع بعد ذكر القول الأول بقوله : «ولو قيل يثبت مثله أيضا كان حسنا» وظاهره عدم وجود القائل به ، وان كان ظاهر كلامه اختياره ، واعترف في المسالك بأنه لا قائل به من أصحابنا.
والمراد من هذا القول ضمانه بالمثل مطلقا ، لان المثل أقرب الى الحقيقة ،