وربما احتج عليه بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) «أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة أخرى» (٢). وحكم بضمان عائشة إناء حفصة وطعامها لما كسرته ، وذهب الطعام بمثلهما» قال في المسالك : والخبران عاميان ، ومع ذلك فهما حكاية حال لا تعم ، فلعل الغريم رضى بذلك ، وموردهما مطلق الضمان ، وعورضا بحكمه صلىاللهعليهوآله بالقيمة في المعتق الشقص انتهى.
وثالثها المثل الصوري فيما يضبطه الوصف ، وهو ما يصح السلم فيه كالحيوان والثياب ، وضمان ما ليس كذلك بالقيمة كالجواهر والقسي ، اختاره العلامة في التذكرة محتجا على الأول بأن النبي صلىاللهعليهوآله (٣) «اقترض بكرا ورد بازلا». وأنه استقرض بكرا وأمر برد مثله.
وأجيب بأن فيه على تقدير صحة السند ان مطلق الدفع أعم من الوجوب ، ولا شبهة في جواز ذلك مع التراضي كيف وقد زاده خيرا فيما دفع.
أقول ما ذكره من الخبرين المذكورين لا وجود له في أخبارنا ، بل الظاهر أن ذلك من طريق العامة ، وهم كثيرا ما يحتجون الى مثل هذه الاخبار في موضع الضرورة ، مع ردهم الأخبار المروية في الأصول المعتمدة ، بزعم أنها ضعيفة باصطلاحهم المحدث ، وصورة الرواية العامية على ما نقله بعض المحققين أن النبي صلىاللهعليهوآله (٤) «اقترض قرضا من رجل بكرا فقدمت عليه إبل الصدقة فأمر أبا رافع أن يقتضي الرجل بكره ، فرجع أبو رافع وقال : لم أجد فيها الا جملا جبارا رباعيا ، فقال : أعطه إياه ان خير الناس أحسنهم قضاء». ومما ذكرنا يظهر أن أظهر الأقوال هو الأول.
الموضع الثاني : أنه على اعتبار القيمة مطلقا كما هو الأول من الأقوال المتقدمة أو على بعض الوجوه كما تضمنه القول الثالث ، فهل المعتبر قيمته وقت القبض أو وقت القرض؟ قولان : اختار أولهما المحقق في الشرائع ، وثانيهما العلامة في القواعد.
__________________
(١ ـ ٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٦.
(٣ ـ ٤) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢١.