: رجل أمر غلامه أن يبيع كرمه عصيرا فباعه خمرا ثم أتاه بثمنه؟ فقال : ان أحب الأشياء الى أن يتصدق بثمنه».
والأمر بالتصدق في هذين الخبرين مع بطلان البيع وتحريم الثمن الموجب لرده على صاحبه لا يجتمعان ، الا أن يحمل على عدم معرفة المشتري ، أو عدم إمكان تحصيله ، وهو غاية البعد.
وبالجملة فإن ظاهر الخبرين مشعر بالحل في هذه الصورة واليه يميل كلام بعض مشايخنا من متأخري المتأخرين (١) حيث قال : ولا يبعد القول بكون البائع مالكا للثمن ، لأنه أعطاه المشترى باختياره وان كان فعل فعلا حراما ، ثم قال : المقطوع به في كلام الأصحاب وجوب الرد انتهى.
ويمكن تأييده أيضا بما رواه في الكافي عن يونس (٢) «في مجوسي باع خمرا أو خنازير إلى أجل مسمى ثم أسلم قبل أن يحل المال؟ قال : له دراهمه ، وقال : ان أسلم رجل وله خمر وخنازير ثم مات وهي في ملكه وعليه دين قال : يبيع ديانه أو ولى له غير مسلم خمره وخنازيره ويقضى دينه ، وليس له أن يبيعه وهو حي ولا يمسكه». الا أن الاخبار متظافرة بتحريم بيع الخمر والخنازير كما تقدم شطر منها في المقدمة الثالثة ، وان ذلك من السحت ، ومن الممكن وان كان لا يخلو عن بعد تقييد هذه الاخبار بالذمي كما اشتمل عليه الخبر الأخير.
لكن يبقى الإشكال أيضا عن وجهين أحدهما ما اشتمل عليه بعضها صريحا وبعضها ظاهرا من حضور المسلم البيع ، مع ان الأصحاب قيدوا الجواز بالتستر كما عرفت ، وصرحوا بالعدم مع عدمه ، والحمل على أن الذمي يبيع في بيته أو نحوه من الأماكن المستورة ، وان اطلع عليه صاحب الطلب من حيث لا يشعر به بعيد غاية البعد ، أو يقال : بعدم كون التستر مشروطا عليهم في الذمة ، ولعله الأقرب وان كان خلاف ما
__________________
(١) هو شيخنا المجلسي (قدسسره) في حواشيته على كتب الاخبار ـ منه رحمهالله.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٣٢.