يكن لأوليائه القود الا بعد تضمين الدين عن صاحبهم ، فان لم يفعلوا ذلك لم يكن لهم القود ، وجاز لهم العفو بمقدار ما يصيبهم ، وبه قال أبو الصلاح وابن البراج ونسب هذا القول في الدروس الى المشهور ، وقال أبو منصور الطبرسي (١) : إذا بذل القاتل الدية لم يكن للأولياء القود الا بعد ضمان الدين ، وان لم يبذل جاز لهم القود من غير ضمان ، وقال ابن إدريس والمحقق والعلامة : ان للورثة استيفاء القصاص ، وان بذل الجاني الدية من غير ضمان للدين ، واحتجوا على ذلك بأن موجب العمد القصاص ، وأخذ الدية اكتساب ، وهو غير واجب على الوارث في دين مورثه ، ولعموم قوله تعالى (٢) «فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً» وقوله تعالى (٣) «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ».
ونقل العلامة في المختلف عن الشيخ أنه احتج بما رواه عبد الحميد بن سعيد (٤) قال : «سألت أبا الحسن الرضا (عليهالسلام) عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا ، فأخذ أهله الدية من قاتله ، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قال : قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال : إذا أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا عنه الدين».
ثم أجاب عن الرواية المذكورة بالمنع من الدلالة على محل النزاع ، قال : أما أولا فلاحتمال أن يكون القتل خطاء أو شبهة ، واما ثانيا فلان السؤال وقع عن أولياء أخذوا الدية ، ونحن نقول بموجبه ، فإن الورثة لو صالحوا القاتل على الدية وجب قضاء الدين منها انتهى.
__________________
(١) الظاهر أن المراد بالطبرسي هنا هو الشيخ أبو منصور احمد بن أبي طالب الطبرسي صاحب الاحتجاج ، فإنه صاحب هذه الكنية ، ولم أقف على نقل قوله في الفقه الا هذا المكان وسيأتي جملة من المواضع لفظ الطبرسي خاصة ، وهو يحتمل للمذكور هنا وللشيخ ابى على صاحب مجمع البيان ـ منه.
(٢) سورة الإسراء الآية ٣٣.
(٣) سورة المائدة الآية ٤٥.
(٤) التهذيب ج ٦ ص ١٩٢.