أقول : ما أجاب به عن الرواية المذكورة جيد ، الا أن إيراده هذه الرواية دليلا للشيخ رحمة الله عليه ليس في محله ، بل هنا رواية أخرى صريحة فيما ذهب اليه الشيخ ، والظاهر أنها هي المستند له فيما ذهب إليه في نهايته.
والذي وقفت عليه مما يتعلق بهذا المقام من الروايات منها ما رواه في التهذيب والصدوق في الفقيه عن أبى بصير (١) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل قتل وعليه دين وليس له مال ، فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال : أن أصحاب الدين (هم الخصماء) للقاتل ، وان وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدية للغرماء ، والا فلا».
ورواه الشيخ أيضا بطريق آخر عن أبى بصير (٢) ايضا مثله ، الا انه قال : «فان وهبوا أولياؤه دية القاتل فهو جائز ، وان أرادوا القود ليس لهم ذلك ، حتى يضمنوا الدين للغرماء ، والا فلا». وهذه الرواية هي التي أشرنا إليه بأنها دليل لما ذهب اليه الشيخ ، قال في الوافي في ذيل هذا الخبر : انما جاز لهم الهبة ولم يجز القود حتى يضمنوا ، لانه مع الهبة يتمكن الغرماء من الرجوع الى القاتل بحقهم ، بخلاف ما إذا قيد منه.
أقول : ان الخبر الأول قد دل على أنهم يضمنون الدين مع الهبة أيضا ، ويدل على ذلك أيضا الخبر الاتى ، ومقتضاهما أن الورثة بالهبة يضمنون دين الغرماء ، وأنه ليس لهم العفو بدون ذلك ، وهو أحد الأقوال في المسألة أيضا على ما نقله في المسالك ، فكيف يتم الحكم بجواز الهبة لهم ، ورجوع الغرماء على القائل بالدين ، كما يظهر من كلامه.
والعجب أنه نقل هذه الاخبار كلها في باب واحد ، ولم يتفطن لما ذكرناه ، ولا يحضرني وجه للجواب عن ذلك الا بأن تحمل الرواية على جواز الهبة فيما يخصهم من الدية ،
__________________
(١) الفقيه ج ٤ ص ١١٩ التهذيب ج ١٠ ص ١٨٠ وفيه (هم الغرماء).
(٢) التهذيب ج ٦ ص ٣١٢.