إذا كان فيها زيادة على الدين ، كما يشير اليه كلام الشيخ فيما تقدم من عبارته ، وقوله «وجاز لهم العفو بمقدار ما يصيبهم» فان حاصل كلامه أنهم ان لم يفعلوا ذلك أى ان لم يضمنوا الدين لم يكن لهم القود ، بل تعين عليهم أخذ الدية ، وجاز لهم العفو بمقدار ما يصيبهم من الدية بعد الدين ، بحمل ذلك على زيادة الدية على الدين.
ومنها ما رواه في الفقيه عن محمد بن أسلم عن على بن أبي حمزة (١) عن أبى الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، قال : «قلت له : جعلت فداك رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ وعليه دين ومال فأراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل؟ فقال : ان وهبوا دمه ضمنوا الدين ، قلت : فإنهم أرادوا قتله فقال : ان قتل عمدا قتل قاتله ، وأدى عنه الامام الدين من سهم الغارمين ، قلت : فان هو قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية أو على امام المسلمين؟ فقال : بل يؤدوا دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره».
وأجاب الشهيد (قدسسره) في كتاب نكت الإرشاد عن رواية أبي بصير التي برواية الشيخ خاصة ، لأنها هي المتضمنة لمحل البحث ، بضعف السند وندورها ، فلا تعارض الأصول ، وحملها الطبرسي المتقدم ذكره على ما إذا بذل القاتل الدية ، فإنه يجب على الأولياء قبولها ، ولا يجوز للأولياء القصاص الا بعد الضمان ، حسبما قدمنا من نقل كلامه.
وأنت خبير بأن رد الخبر بضعف السند غير مرضى على رأينا ولا معتمد ، وكذا ارتكاب تأويله من غير معارض ، ولا معارض له الا ما نقلناه عنهم آنفا من العمومات ، والواجب تخصيصها به ، إذ لا منافاة بين المطلق والمقيد والخاص والعام ، وهذا مقتضى قواعدهم في غير مقام.
ويؤيد الخبير المذكور ما دل من الخبرين المذكورين ، على أنه ليس لأولياء الدم هبته حتى يضمنوا الدين ايضا (٢).
__________________
(١) الفقيه ج ٤ ص ٨٣.
(٢) وجه التأييد هو أن ظاهر هذه الاخبار مراعاة تقديم أداء الدين وبراءة