وإذا عرفت ذلك فاعلم ان الأشهر الأظهر أن الدية في حكم المال المقتول يقضى منها دينه ويقضى منه وصاياه وترثها ورثته ، وقيل انها لا تصرف في الدين لتأخر استحقاقها عن الحياة التي هي شرط الملك ، والدين كان متعلقا بالذمة حال الحياة ، وبالمال بعدها ، والميت لا يملك بعد وفائه.
ولا يخفى ما فيه ، فإنه اجتهاد في مقابلة النصوص ، وجرءة على أهل الخصوص ، وقد عرفت دلالة الروايات المتقدمة على وجوب أداء الدين منها.
ونحوها ما رواه في الكافي في الصحيح عن يحيى الأزرق (١) وهو مجهول عن أبى الحسن عليهالسلام «في رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا فأخذ أهله الدين من قاتله أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم قال : قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال : قال : إنما أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا دينه».
ونحوها رواية أخرى له ، وأصرح من ذلك ما ورد من الاخبار الدالة على انه يرثها الورثة على كتاب الله وسنة نبيه (٢) صلىاللهعليهوآله مثل صحيحة سليمان بن خالد وصحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة محمد بن قيس وفي بعضها عدم إرث الأخوات من الام من الدية.
وبالجملة فإن القول المذكور ظاهر القصور ، وقيل : أيضا بالفرق بين دية الخطاء ودية العمد ، إذا رضي الوارث بها معللا بأن العمد انما يوجب القصاص ، وهو حق للوارث فإذا رضي بالدية كانت عوضا عنه ، فكانت أبعد من استحقاق الميت
__________________
ذمة الميت ، فليس لهم عفو عن الدم أو قصاص حتى يضمنوا الدية ، إيثارا لبراءة ذمته وخلو عهدته من الدين ، فلعل استيفاء القصاص وان كان حقا لهم كما دلت عليه الآيات والروايات ، لكنه ينبغي في تقييدها بغير صورة الدين مع انحصار المال في الدية ، كما هو فرض المسألة ، فيجب أخذ الدية البتة ومع عدم أخذها باختيار القصاص أو العفو عن الدم فيجب عليهم ضمانها كما ذكرنا منه ـ رحمهالله.
(١) التهذيب ج ٩ ص ١٦٧ وص ٢٤٥ الفقيه ج ٤ ص ١٦٧.
(٢) التهذيب ج ٩ ص ٣٧٥.