وسؤال الفرق متجه فان المسلم فيه ايضا كذلك انما يصير دينا بعد العقد لا قبله ، وبذلك يظهر ان الحكم بالبطلان في الصورة الاولى من الصورتين المتقدمتين انما يتجه على القول بالعموم ، كما هو المشهور ، واما على القول الأخر فلا ، وحينئذ فموافقة الأصحاب في البطلان هنا غفلة عما اختاره ، وخالفهم فيه في تلك المسألة وعلى هذا فيمكن ان يقال : ان نفى البأس في خبر إسماعيل بن عمر المتقدم انما وقع بناء على القول الثاني الذي اختاره شيخنا المتقدم ذكره من عدم دخول بيع الطعام سلما في الدين وان صار دينا بعد العقد فلا يدخل في بيع الدين بالدين ، وحينئذ يصح البيع سواء كان الدراهم التي جعلت ثمنا حالة أو مؤجلة ، ويحتمل على بعد ، في الخبر المذكور ـ ان وجه الصحة ونفى البأس انما هو من حيث الثمن ، وان تلك الدراهم التي في الذمة كانت حالة ، والبيع انما وقع بعد حلولها ، وان بيع الطعام سلما داخل في الدين كما هو المشهور ـ والصحة انما اتجهت من جهة كون الثمن حالا والمبيع وان كان دينا لكن الثمن حال فلا يدخل في بيع الدين بالدين ، والى هذا الاحتمال جنح صاحب الوافي فذكر الخبر المشار إليه في باب بيع الدين بالدين ، واما على ما ذكرناه فالأنسب به باب السلف كما أوضحناه في حواشينا على الكتاب المذكور.
واما خبر قرب الاسناد فالظاهر ان المراد بقوله وسألته عن السلم في الدين في حال كون الثمن دينا وجوابه عليهالسلام بنفي البأس «فيما إذا قال : اشتريت منك كذا وكذا بكذا وكذا» فالظاهر ان مراده كون الثمن كليا في الذمة ، لا عين ما في الذمة والا لقال : بما في ذمتك ، وحينئذ يصير من قبيل الصورة الثانية المتقدمة ، وتحصل المقاصة والمحاسبة بعد العقد أو التهاتر والتساقط على الوجهين المتقدمين.
واما رجوعه عليهالسلام عما افتى به أولا في رواية إسماعيل بن عمر ونسبة نفسه الى الوهم فإنما خرج مخرج التقية كما ينادى به سياق الكلام ، وكيف كان فقد عرفت ان أصل المسألة خال من النص ، وبه ينقدح الإشكال في بعض فروع