شفعة ، ثم نقل عنه أنه احتج بأن الحكمة الباعثة لإيجاب الشفعة في صورة البيع موجودة في غيره من عقود المعاوضات ، ولا اعتبار بخصوصيات العقود في ذلك في نظر الشارع ، فاما أن يثبت الحكم في الجميع ، أو ينتفي عن الجميع ، فإثباته في البعض دون البعض ترجيح من غير مرجح.
ثم أجاب عنه بأن الحكمة لا يجوز التعليل بها ، لعدم انضباطها فلا بد من ضابط ، ولما رأينا صور ثبوت الشفعة موجود فيها مطلق البيع ، جعلناه ضابطا للمناسبة والاقتران ، على أن القياس عندنا باطل انتهى.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك الميل الى ما ذهب اليه ابن الجنيد هنا ، حيث قال بعد ذكر المصنف الحكم المذكور : هذا هو المشهور بين الأصحاب ، بل كاد يكون إجماعا ، وليس عليه دليل صريح ، وانما تضمنت الروايات ذكر البيع ، وهو لا ينافي ثبوتها بغيره.
ومن ثم خالف ابن الجنيد ، فأثبتها لمطلق النقل ، حتى بالهبة بعوض وغيره لما أشرنا إليه من عدم دليل يقتضي التخصيص ، واشتراك الجميع في الحكمة الباعثة على إثبات الشفعة ، وهو دفع الضرر عن الشريك ، ولو خصها بعقود المعاوضات كما تقوله العامة كان أبعد ، لأن أخذ الشفيع للموهوب بغير عوض بعيد ، وبه خارج عن مقتضى الأخذ انتهى.
أقول : لا يخفى أن مقتضى الدليل العقلي والنقلي كتابا وسنة والإجماع هو عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بإذن منه ، والشفعة قد خرجت على خلاف مقتضى هذه الأدلة المتفق عليها وعلى قوتها والاعتماد عليها ، وحينئذ فلا بد في كل فرد ادعى فيه جواز الشفعة من دليل واضح من الكتاب أو السنة أو الإجماع الذي يعتمدونه ، ليمكن الخروج به عما اقتضته هذه الأدلة المذكورة.
وغاية ما وجد في الاخبار بالنسبة الى هذه المسألة هو جواز الشفعة بالانتقال بالبيع خاصة ، ومدعى الجواز في الانتقال بغيره عليه الدليل ، ليخرج عن عموم تلك الأدلة القاطعة المانعة من جواز التصرف في مال الغير إلا باذنه ،