وبذلك يظهر لك في ما كلام شيخنا المذكور من القصور ، حيث أنه أنما مال الى مذهب ابن الجنيد ، لعدم الدليل على التخصيص بالبيع ، ومجرد ورود الروايات بالبيع لا يقتضي التخصيص به ، وغفل عن أن الشفعة إنما خرجت على خلاف الأصول المقررة ، والقواعد المعتبرة كتابا وسنة وإجماعا ، فيجب الاقتصار في ثبوتها على موارد الأدلة كما قرروه في غير مقام.
والتمويه هنا بهذه الحكمة التي يدعونها لم نقف عليه في خبر من الاخبار ، وانما استنبطوها من أخبار الشفعة الواردة في البيوع ، وعلى تقدير حكم الشارع بالشفعة في البيع لدفع الضرر عن الشريك ، فالتعدية الى غير البيع قياس محض ، لان هذه العلة مخصوصة بصورة البيع ، وحمل غيره عليه قياس محض ، إذ يمكن أن يكون للبيع خصوصية في ذلك لا نعلمها ، فكيف يمكن التعدية بمجرد ذلك.
وبالجملة فإن التمسك بذلك في مقابلة ما ذكرنا من الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة مجازفة محضة هذا.
وأما الاخبار الدالة على ما هو المشهور والمؤيد المنصور فمنها ما رواه الشيخ في التهذيب عن أبى بصير (١) عن أبى جعفر عليهالسلام «قال سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار له ، وله في تلك الدار شركاء قال : جائز له ولها ، ولا شفعة لأحد من الشركاء عليها».
ووصف هذه الرواية في المسالك بالصحة ، مع أن أبا بصير فيها مشترك ، ولا قرينة تعين كونه المرادي الثقة ، ومن قاعدتهم عدها في الضعيف ، وهي واضحة في رفع ما ادعوه من الحكمة الموجبة للعموم في جميع الانتقالات ، ومنها
رواية الغنوي المتقدمة في المقصد الأول (٢) وقوله فيها «الشفعة في البيوع إذا كان شريكا فيها فهو أحق بها من غيره بالثمن».
ومنها مرسلة يونس المتقدمة ثمة أيضا وفيها «الشفعة جائزة في كل شيء من
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١٦٧.
(٢) ص ٢٨٩.