قال : كان لاسماعيل بن أبى عبد الله (عليهالسلام) دنانير وساق الخبر ومضمونه أنه أراد أن يستبضع رجلا فنهاه أبوه (عليهالسلام) عن ذلك لان ذلك الرجل كان يشرب الخمر ، فخالف أباه فاستبضعه ، فاستهلك ماله فحج أبو عبد الله (عليهالسلام) وحج معه ابنه إسماعيل ، فجعل يطوف البيت ويقول : اللهم أجرني ، واخلف على ، فلحقه أبو عبد الله عليهالسلام فهمزه بيده من خلفه.
فقال له : مه يا بنى ، فلا والله ما لك على الله حجة ، ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته الى أن قال : ولا تأتمن شارب الخمر فان الله عزوجل يقول : في كتابه (١) «وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ» فأي سفيه أسفه من شارب الخمر ان شارب الخمر لا يزوج ولا يؤتمن على أمانة فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الله عزوجل أن يأجره ويخلف عليه».
والتقريب فيه ان الظاهر من قوله عليهالسلام انه ليس لمن ائتمن شارب الخمر لكونه سفيها أن يأجره الله ويخلف عليه هو أنه قد أتلف ماله بنفسه ، وضيعه بدفعه الى من كان كذلك كمن رمى ماله في البحر فليس له على الله حق لتفريطه في نفسه ، ولا على من دفعه اليه فهو غير مستحق لشيء بالكلية عقوبة له ومؤاخذة له بمخالفته الله سبحانه.
ولو كان المال مضمونا والحق ثابتا في ذمة ذلك السفيه كسائر الحقوق المضمونة في ذمم المديونين ـ لم يكن للمنع من الدعاء بخروجه ، أو المعاوضة عنه بالأجر والثواب وجه لانه حق ثابت كسائر الحقوق ، يستحق التوصل اليه بكل وجه ممكن ، ومن وجوه التوصلات الدعاء مع عدم الحيلة في الوصول بغيره من الأمور الموجبة لذلك.
وبالجملة لو ثبت كونه حقا شرعيا في ذمة من دفعه اليه لاستحق المعاوضة من ـ الله سبحانه عليه عقلا ونقلا ، كسائر الحقوق التي تفوت على أصحابها ، وكيف
__________________
(١) سورة النساء الآية ـ ٥.