كان فالمسألة لا يخلو من شوب الاشكال.
قال العلامة في التذكرة : وحكم الصبي والمجنون كما قلناه في السفيه من من وجوب الضمان عليهما إذا أتلفا مال غيرهما بغير اذنه أو غصبا فتلف في يديهما ، وانتفاء الضمان عنهما فيما حصل في أيديهما باختيار صاحبه كالبيع والقرض ، وأما الوديعة والعارية إذا دفعها صاحبها إليهما فتلف فلا ضمان عليهما ، فإن أتلفاهما فالأقرب انه كذلك ، ولبعض العامة وجهان انتهى.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بالنسبة إلى الوديعة والعارية إذا دفعهما صاحبهما إلى الصبي والمجنون فتلفتا أو أتلفاهما بعد ان ذكر أن في ضمانهما قولين : التفصيل في ذلك ، والفرق بين التلف والإتلاف ، وأن الأجود الضمان في الثاني دون الأول.
وعلل بأن الضمان باعتبار الإهمال انما يثبت حيث يجب الحفظ والوجوب من باب خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين ، فلا يتعلق بالصبي والمجنون ، ووجوب الضمان في الثاني بأن إتلاف مال الغير مع عدم الاذن فيه سبب في ضمانه ، والأسباب من باب خطاب الوضع لا يتوقف على التكليف ، قال : ومنه يعلم وجه ضمان ما يتلف به من مال الغير بغير اذنه.
أقول عندي فيما ذكروه وحكموا به من الضمان على الصبي والمجنون في جميع هذه من الصور المفروضة نظر ، لحديث (١) «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ ، والمجنون حتى يفيق». وظاهر رفع التكليف والمؤاخذة بحقوق الله (سبحانه) وحقوق الناس وأن كلما يفعلانه فهو في حكم العدم.
ولو قيل ـ ان المراد برفع القلم انما هو بالنسبة إلى المؤاخذة ، والمعاقبة فيما يفعلانه مخالفا للشرع ـ قلنا : إيجاب الضمان عليهما في الصور المذكورة ان تم فهو موجب للمؤاخذة ، لان من أخذ بما أوجب الله عليه استحق المؤاخذة
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات الرقم ١١.