قالوا : لو كان له مال ظاهر وامتنع من الوفاء تخير الحاكم بين حبسه حتى يوفى بنفسه ، وبين أن يوفى الحاكم عنه بنفسه ، فان كان ماله من جنس الحق صرف فيه الغريم ، وان كان مخالفا باعه منه وأوفى ، وجميع ما ذكر مما يستفاد من الاخبار المذكورة
ويحل لصاحب الدين الاغلاظ له في القول ، كأن يقول : يا ظالم ونحوه للخبر المشهور عنه صلىاللهعليهوآله «للواجد يحل عقوبته وعرضه والملي المطل». والعقوبة الحبس ، والعرض الاغلاظ له في القول. ولو لم يكن له مال ظاهر وادعى الإعسار فظاهر الأخبار المتقدمة انه عليهالسلام : «كان يحبسه حتى يتبين له الإعسار». والأصحاب (رضوان الله عليهم) هنا قد صرحوا بأنه ان وجدت البينة على الإعسار قضى بها ، لكن ان كان مستند البينة في الشهادة علمها بتلف أمواله قبلت وان لم تكن مطلقة على باطن أمره ، لأن الشهادة بذلك على الإثبات المحض ، وبثبوت تلف ماله يحصل الغرض من فقره ، وان شهدت بالإعسار مطلقا من غير تعرض لتلف ماله ، فلا بد في ذلك من كون الشاهدين لهما معه صحبة أكيدة ، ومعاشرة باطنة بحيث يطلعان بها على باطن أحواله.
وانما اعتبر هنا ذلك دون ما إذا كان الشهادة بتلف المال ، لان مرجع هذه الشهادة هنا إلى الشهادة على النفي ، فإن معنى إعساره أنه لا مال له ، والشهادة على النفي غير مسموعة ، وأما مع تقييدها بما ذكرناه من الاطلاع على باطن أمره بالمعاشرة الأكيدة فإنها ترجع إلى إثبات تتضمن النفي ، بأن يقول انه معسر لا يملك الا قوت يومه ، وثياب بدنه ونحو ذلك ، وان لم توجد البينة على أحد الوجهين المذكورين وكان له أصل مال ، أو كان أصل الدعوى مالا ، حبس حتى يثبت إعساره ، والمراد من قولنا كان له أصل مال أنه كان له مال قبل الآن ، ولكن ادعى الآن تلفه ، وبقولنا أو كان أصل الدعوى مالا أن غريمه الذي قد ثبت دينه دفع إليه في مقابلته مالا ، بأن يكون قد باعه سلعة ، وهو يطالب بثمنها أو أقرضه مالا ، والمديون يدعى تلفه ، أو ينكر وصوله اليه مع قيام البينة بوصوله اليه ، وحكمه حينئذ أن يحبس حتى يثبت إعساره ، لأن الأصل بقاء تلك الأعيان ، وظاهرهم أنه يحبس بمجرد ثبوت الدين