المعتمد ، فأمر أن يخلع عليه للوزارة ، فخرج من بين يديه ، فامتنع من ذلك أشد الامتناع وقال : إن تركت ببغداد وسرّ من رأى وإلا صرت إلى بعض الثغور؟ فخلا به أبو عيسى ابن المتوكل وأعلمه أنه لا تجوز له مخالفة أمير المؤمنين ، ووجه الحسن إلى أبي عيسى أن رأى الأمير أن يعلمه أنه متى ولى هذا الأمر تضمنت له القيام بأمر الملك وإعطاء الموالي والتكفل بجميع النفقات ، فلان قليلا وأمر أن (١) يدخل الحسن بن مخلد إليه يجيء به فضمن له ما راسله به شفاها ؛ وخلع عليه يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان يعني من سنة ست وخمسين ومائتين ، فولى الأمر بعفاف وسعة نفس وحسن تدبير وإظهار مروءة أدته إلى أن مات وعليه ستمائة ألف دينار لغرماء قد ربحوا عليه أضعافها مع كثرة ضياعه ووفور ارتفاعها ، ووجده الناس قد وقزته السن وأدبته النكبة ، فزاد عفافه وتوقيه.
وبه : عن الصولي قال : حدثني الحسين بن علي قال : سمعت سليمان بن وهب غير مرة يقول : ما رأيت أجل نفسا من عبيد الله بن يحيى ولا أتم نزاهة ولا أكمل جلالة ولا أحق رئاسة ، كأنه والله خلق لما هو فيه.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي عن محمد (٢) بن سعيد بن محمد الشافعي قال : أنبأنا عبد المحسن بن محمد التاجر ، أنبأنا أبو الحسن وأبو الحسين أحمد وعلي أنبأنا محمد وأبو قدومة الصيدلاني بمصر قالا : أنبأنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الدينوري ، أخبرني أبو بكر عبد الله بن عيسى ، حدثني أبو علي أحمد بن إسماعيل الكاتب قال : كنت في موكب عبيد الله بن يحيى بن خاقان فأخذ رجل بلجام دابته وقال له : يا زنديق! فقال : كذبت ، ما عبدت إلا الله عزوجل ، فقال له : يا فاسق! فقال له : كذبت ، ما أنا بفاسق ، فقال : يا كذاب! فقال : صدقت ، نبلى بأنكاد مثلكم فتضطرونا إلى أن نكذب لكم ، خل اللجام ، ثم أمر أن لا يتبعه أحد من حاشيته فتعجب من حلمه.
أنبأنا يوسف بن المبارك الشافعي عن محمد بن أبي طاهر الكاتب (٣) أن علي بن
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : «وأمر بأن».
(٢) في (ب) : «على بن محمد».
(٣) في (ب) : «الحاسب».