من أهل الحلة السيفية ، كان شاعرا محسنا من أرباب المعاني ، متفننا في علم الأدب ، مليح الإيراد للشعر ، قدم بغداد ومدح بها قاضي القضاة ابن الشهرزوري وغيره ، وروى بها شيئا من شعره.
أنشدني أبو الحسن [بن] (٢) القطيعي قال : أنشدنا علوي بن عبيد الحلي لنفسه ببغداد :
سل البانة الغناء هل مطر الحمى |
|
وهل آن للورقاء أن تترنما |
وهل عذبات الرند نبهها الصبا |
|
لذكر الصبا قدما فقد كن نوما |
وإن تكن الأيام قصت جناحها |
|
فقد طالما مدت بنانا ومعصما |
بكتها الغوادي رحمة فتنفست |
|
وأعطت رياض الحزن سرّا مكتما |
وشقت ثياباكن سترا لأمرها |
|
فلما رآها الأقحوان تبسما |
خليلي هل من سامع ما أقوله |
|
فقد منع الجهال أن أتكلما |
عرفت المعالي قبل تعرف نفسها |
|
وما سفرت وجها ولا ثغرت فما |
وأوردتها ماء البلاغة منطقا |
|
فصارت بجيد الدهر عقدا منظما |
وكانت تناجيني بألسن حالها |
|
فأدرك سر الوحي منها توهما |
فما لليالي لا تقر بأنني |
|
خلعت لها منها بدورا وأنجما |
ورب جهول قال لو كان صادقا |
|
لأمكنت الأيام أن يتقدما |
ولم يدر أبي لو أشاء حويتها |
|
ولكن صرفت النفس عنها تكرما |
أبى الله أن ألقي بخيلا بمدحه |
|
وقد جعل الشكوى إلى المدح سلما |
إذا المرء لم يحكم على النفس قادرا |
|
يمت غير مأجور ويحيى مذمما |
فقد كنت لا أبغي سوى العز مطمعا |
|
ولا أرتضي ماء ولو بلغ الظما |
وكنت متى مثلت للنفس حاجة |
|
أرى وجه إعراضي ولو كنت أينما |
وأحسب أن الشيب غير حالتي |
|
وصير جل الغانيات محرما |
رعى الله أياما عرفت بها الهوى |
|
عشية غازلت الغزال المنعما |
__________________
(١) انظر : فوات الوفيات ٢ / ٨٠.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، (ج).