أصحاب الأعراف. ثمّ يحتمل أن يكون أصحاب الأعراف من الأمّة الإسلاميّة خاصّة. ويحتمل أن يكونوا من سائر الأمم المؤمنين برسلهم ، وأيّاما كان فالمقصود من هذه الآيات هم من كان من الأمّة المحمّديّة.
وتنوين (كُلًّا) عوض عن المضاف إليه المعروف من الكلام المتقدّم. أي كلّ أهل الجنّة وأهل النّار.
والسيما بالقصر السمة أي العلامة ، أي بعلامة ميّز الله بها أهل الجنّة وأهل النّار ، وقد تقدّم بيانها واشتقاقها عند قوله تعالى : (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) في سورة البقرة [٢٧٣].
ونداؤهم أهل الجنّة بالسّلام يؤذن بأنّهم في اتّصال بعيد من أهل الجنّة ، فجعل الله ذلك أمارة لهم بحسن عاقبتهم ترتاح لها نفوسهم. ويعلمون أنّهم صائرون إلى الجنّة ، فلذلك حكى الله حالهم هذه للنّاس إيذانا بذلك وبأن طمعهم في قوله : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) هو طمع مستند إلى علامات وقوع المطموع فيه ، فهو من صنف الرّجاء كقوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) [الشعراء ٨٢].
و (أَنْ) تفسير للنّداء ، وهو القول (سَلامٌ عَلَيْكُمْ). و (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) دعاء تحيّة وإكرام.
وجملة : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) مستأنفة للبيان ، لأنّ قوله (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) يثير سؤالا يبحث عن كونهم صائرين إلى الجنّة أو إلى غيرها. وجملة : (وَهُمْ يَطْمَعُونَ) حال من ضمير (يَدْخُلُوها) والجملتان معا معترضتان بين جملة : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) وجملة (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ).
وجملة : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ) معطوفة على جملة : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ).
والصّرف : أمر الحالّ بمغادرة المكان. والصّرف هنا مجاز في الالتفات أو استعارة. وإسناده إلى المجهول هنا جار على المتعارف في أمثاله من الأفعال التي لا يتطلّب لها فاعل ، وقد تكون لهذا الإسناد هنا فائدة زائدة وهي الإشارة إلى أنّهم لا ينظرون إلى أهل النّار إلّا نظرا شبيها بفعل من يحمله على الفعل حامل ، وذلك أنّ النّفس وإن كانت تكره المناظر السّيئة فإنّ حبّ الاطّلاع يحملها على أن توجّه النّظر إليها آونة لتحصيل ما هو مجهول لديها.
والتلقاء : مكان وجود الشّيء ، وهو منقول من المصدر الذي هو بمعنى اللّقاء ، لأنّ