الموجودات كلّها.
وجملة : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) مستأنفة استئناف التّذييل للكلام السّابق من قوله : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) لإفادة تعميم الخلق. والتّقدير : لما ذكر آنفا ولغيره. فالخلق : إيجاد الموجودات ، والأمر تسخيرها للعمل الذي خلقت لأجله.
وافتتحت الجملة بحرف التّنبيه لتعي نفوس السّامعين هذا الكلام الجامع.
واللام الجارة لضمير الجلالة لام الملك. وتقديم المسند هنا لتخصيصه بالمسند إليه.
والتّعريف في الخلق والأمر تعريف الجنس ، فتفيد الجملة قصر جنس الخلق وجنس الأمر على الكون في ملك الله تعالى ، فليس لغيره شيء من هدا الجنس ، وهو قصر إضافي معناه : ليس لآلهتهم شيء من الخلق ولا من الأمر ، وأمّا قصر الجنس في الواقع على الكون في ملك الله تعالى فذلك يرجع فيه إلى القرائن ، فالخلق مقصور حقيقة على الكون في ملكه تعالى ، وأمّا الأمر فهو مقصور على الكون في ملك الله قصرا ادعائيا لأنّ لكثير من الموجودات تدبير أمور كثيرة ، ولكن لما كان المدبّر مخلوقا لله تعالى كان تدبيره راجعا إلى تدبير الله كما قيل في قصر جنس الحمد في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢].
وجملة (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) تذييل معترضة بين جملة (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ) وجملة (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأعراف : ٥٥] إذ قد تهيّأ المقام للتّذكير بفضل الله على النّاس ، وبنافع تصرّفاته ، عقب ما أجرى من إخبار عن عظيم قدرته وسعة علمه وإتقان صنعه.
وفعل (تَبارَكَ) في صورة اشتقاقه يؤذن بإظهار الوصف على صاحبه المتّصف به مثل : تثاقل ، أظهر الثّقل في العمل ، وتعالل ، أي أظهر العلّة ، وتعاظم : أظهر العظمة ، وقد يستعمل بمعنى ظهور الفعل على المتّصف به ظهورا بيّنا حتى كأنّ صاحبه يظهره ، ومنه : (تَعالَى اللهُ) [النمل : ٦٣] أي ظهر علوّه ، أي شرفه على الموجودات كلّها ، ومنه (تَبارَكَ) أي ظهرت بركته.
والبركة : شدّة الخير ، وقد تقدّم الكلام عليها عند قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) في سورة آل عمران [٩٦] ، وقوله : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) في سورة الأنعام [٩٢]. فبركة الله الموصوف بها هي مجده ونزاهته وقدسه ، وذلك جامع