في هذا الحديث».
وتعيين هذه الأسماء لا يقتضي أكثر من أن مزيتها أن من أحصاها وحفظها دخل الجنة ، فلا يمنع أن تعد لله أسماء أخرى. وقد عد ابن برّجان الإشبيلي في كتابه «أسماء الله الحسنى» مائة واثنتين وثلاثين اسما مستخرجة من القرآن والأحاديث المقبولة ، وذكر القرطبي : أن له كتابا سماه «الأسنى في شرح الأسماء الحسنى» ذكر فيه من الأسماء ما ينيف على مائتي اسم ، وذكر أيضا أن أبا بكر بن العربي ذكر عدة من أسمائه تعالى مثل متمّ نوره ، وخير الوارثين ، وخير الماكرين ، ورابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، والطيب ، والمعلم إلخ.
ولا تخفى سماجة عد نحو رابع ثلاثة ، وسادس خمسة ، فإنها وردت في القرآن في سياق المجاز الواضح ولا مناص من تحكيم الذوق السليم ، وليس مجرد الوقوف عند صورة ظاهرة من اللفظ ، وذكر ابن كثير في «تفسيره» عن كتاب «الأحوذي في شرح الترمذي» لعله يعني «عارضة الأحوذي» «أن بعضهم جمع من الكتاب والسنة من أسماء الله تعالى ألف اسم» ولم أجده في نسخ «عارضة الأحواذي» لابن العربي ، ولا ذكره القرطبي وهو من خاصة تلاميذ ابن العربي ، والموجود في كتاب «أحكام القرآن» له أنه حضره منها مائة وستة وأربعون اسما وساقها في كتاب «الأحكام» ، وسقط واحد منها في المطبوعة ، وذكر أنه أبلغها في كتابه «الآمد» (أي «الأمد الأقصى») في شرح الأسماء إلى مائة وستة وسبعين اسما.
قال ابن عطية : واختلف في الاسم الذي يقتضي مدحا خالصا ، ولا تتعلق به شبهة ولا اشتراك إلا أنه لم يرد منصوصا هل يطلق ويسمى الله به ، فنص الباقلاني على جواز ذلك ، ونص أبي الحسن الأشعري على منع ذلك ، والفقهاء والجمهور على المنع ، والصواب : أن لا يسمى الله تعالى إلا باسم قد أطلقته الشريعة ، وأن يكون مدحا خالصا لا شبهة فيه ولا اشتراك أمر لا يحسنه ، إلا الأقل من أهل العلوم ، فإذا أبيح ذلك تسور عليه من يظن بنفسه الإحسان ، فادخل في أسماء الله ما لا يجوز إجماعا. واختلف في الأفعال التي في القرآن نحو (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥] و (مَكَرَ اللهُ) [آل عمران : ٥٤] ونحو ذلك هل يطلق منها اسم الفاعل ، فقالت فرقة : لا يطلق ذلك بوجه ، وجوزت فرقة أن يقال ذلك مقيّدا بسببه نحو : الله ماكر بالذين يمكرون بالذين يمكرون بالدين ، وأما إطلاق ذلك دون تقييد فممنوع إجماعا.