في نصب (أَرْبَعُ شَهاداتٍ) الثاني.
وفي قوله : (إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) حكاية للفظ اليمين مع كون الضمير مراعى فيه سياق الغيبة ، أي يقول : إني لمن الصادقين فيما ادعيت عليها.
وأما قوله : (وَالْخامِسَةُ) أي فالشهادة الخامسة ، أي المكملة عدد خمس للأربع التي قبلها. وأنث اسم العدد لأنه صفة لمحذوف دل عليه قوله (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) والتقدير : والشهادة الخامسة. وليس لها مقابل في عدد شهود الزنى. فلعل حكمة زيادة هذه اليمين مع الأيمان الأربع القائمة مقام الشهود الأربعة أنها لتقوية الأيمان الأربع باستذكار ما يترتب على أيمانه إن كانت غموسا من الحرمان من رحمة الله تعالى. وهذا هو وجه كونها مخالفة في صيغتها لصيغ الشهادات الأربع التي تقدمتها. وفي ذلك إيماء إلى أن الأربع هي المجعولة بدلا عن الشهود وأن هذه الخامسة تذييل للشهادة وتغليظ لها.
وقرأ الجمهور : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) بالرفع كقوله : (وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) وهو من عطف الجمل. وقرأه حفص عن عاصم بالنصب عطفا على (أَرْبَعُ شَهاداتٍ) الثاني وهو من عطف المفردات.
وقرأ الجمهور : (أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ) و (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) بتشديد نون (أنّ) وبلفظ المصدر في (أَنَّ غَضَبَ اللهِ) وجر اسم الجلالة بإضافة (غضب) إليه. ويتعين على هذه القراءة أن تقدر باء الجر داخلة على (أَنَ) في الموضعين متعلقة ب (الْخامِسَةُ) لأنها صفة لموصوف تقديره : والشهادة الخامسة ، ليتجه فتح همزة (أنّ) فيهما. والمعنى : أن يشهد الرجل أو تشهد المرأة بأن لعنة الله أو بأن غضب الله ، أي بما يطابق هذه الجملة.
وقرأ نافع بتخفيف نون (أن) في الموضعين و (غَضَبَ اللهِ) بصيغة فعل المضي ، ورفع اسم الجلالة الذي بعد (غَضَبَ). وخرجت قراءته على جعل (أن) مخففة من الثقيلة مهملة العمل واسمها ضمير الشأن محذوف أي تهويلا لشأن الشهادة الخامسة. ورد بما تقرر من عدم خلو جملة خبر (أن) المخففة من أحد أربعة أشياء : قد ، وحرف النفي ، وحرف التنفيس ، ولو لا. والذي أرى أن تجعل (أن) على قراءة نافع تفسيرية لأن الخامسة يمين ففيها معنى القول دون حروفه فيناسبها التفسير.
وقرأ يعقوب (أَنْ لَعْنَةُ اللهِ) بتخفيف (أن) ورفع (لَعْنَتَ) وجر اسم الجلالة مثل قراءة نافع. وقرأ وحده (أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) بتخفيف (أن) وفتح ضاد (غَضَبَ) ورفع الباء