الجراح : «أنه بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين فامنع من ذلك وحل دونه فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة».
القول الثاني : أن المرأة غير المسلمة كالمسلمة ورجحه الغزالي.
ومذهب أبي حنيفة كذلك فيه قولان : أصحهما أن المرأة غير المسلمة كالرجل الأجنبي فلا ترى من المرأة المسلمة إلا الوجه والكفين والقدمين ، وقيل : هي كالمرأة المسلمة.
وأما ما ملكت أيمانهن فهو رخصة لأن في ستر المرأة زينتها عنهم مشقة عليها. لكثرة ترددهم عليها. ولأن كونه مملوكا لها وازع له ولها عن حدوث ما يحرم بينهما ، والإسلام وازع له من أن يصف المرأة للرجال.
وأما التابعون غير أولي الإربة من الرجال فهم صنف من الرجال الأحرار تشترك أفراده في الوصفين وهما التبعية وعدم الإربة.
فأما التبعية فهي كونهم من أتباع بيت المرأة وليسوا ملك يمينها ولكنهم يترددون على بيتها لأخذ الصدقة أو للخدمة.
والإربة : الحاجة. والمراد بها الحاجة إلى قربان النساء. وانتفاء هذه الحاجة تظهر في المجبوب والعنين والشيخ الهرم فرخص الله في إبداء الزينة لنظر هؤلاء لرفع المشقة عن النساء مع السلامة الغالبة من تطرق الشهوة وآثارها من الجانبين.
واختلف في الخصي غير التابع هل يلحق بهؤلاء على قولين مرويين عن السلف. وقد روي القولان عن مالك. وذكر ابن الفرس : أن الصحيح جواز دخوله على المرأة إذا اجتمع فيه الشرطان التبعيّة وعدم الإربة. وروي ذلك عن معاوية بن أبي سفيان.
وأما قضية (هيت) المخنث أو المخصي (١) ونهى النبي صلىاللهعليهوسلم نساءه أن يدخلن عليهن فتلك قضية عين تعلقت بحالة خاصة فيه. وهي وصفه النساء للرجال فتقصى على أمثاله. ألا ترى أنه لم ينه عن دخوله على النساء قبل أن يسمع منه ما سمع.
__________________
(١) أخرج حديثه في «الموطأ» وكتب السنة ، وهو : أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان في بيت أم سلمة فدخل عليها هيت ـ بكسر الهاء ـ المخنث فقال لعبد الله بن أبي أمية المخزومي أخي أم سلمة لأبيها : يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غدا فإني أدلك على بادية بنت غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان وزاد في الوصف وأنشد شعيرا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا أرى هذا يعرف ما هاهنا : لا يدخل عليكن». وكان هيت هذا مولى لعبد الله بن أبي أمية المخزومي.