القفال : جمع قافل وهم الراجعون من أسفارهم.
وقيل : أريد بالرفع الرفع المعنوي وهو التعظيم والتنزيه عن النقائص. فالإذن حينئذ بمعنى الأمر.
وبعد فهذا يبعد عن أغراض القرآن وخاصة المدني منه لأن الثناء على هؤلاء الرجال ثناء جم ومعقب بقوله : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا).
والأظهر عندي : أن قوله : (فِي بُيُوتٍ) ظرف مستقر هو حال من (لِنُورِهِ) في قوله (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) [النور : ٣٥] إلخ مشير إلى أن «نور» في قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) مراد منه القرآن ، فيكون هذا الحال تجريدا للاستعارة التمثيلية بذكر ما يناسب الهيئة المشبهة أعني هيئة تلقي القرآن وقراءته وتدبره بين المسلمين مما أشار إليه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده» (١) ، فكان هذا التجريد رجوعا إلى حقيقة التركيب الدال على الهيئة المشبهة كقول طرفة :
وفي الحي أحوى ينفض المرد شادف |
|
مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد |
مع ما في الآية من بيان ما أجمل في لفظ : (مَثَلُ نُورِهِ) وبذلك كانت الآية أبلغ من بيت طرفة لأن الآية جمعت بين تجريد وبيان وبيت طرفة تجريد فقط.
ويجوز أن يكون (فِي بُيُوتٍ) غير مرتبط بما قبله وأنه مبدأ استئناف ابتدائي وأن المجرور متعلق بقوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها). وتقديم المجرور للاهتمام بتلك البيوت وللتشويق إلى متعلق المجرور وهو التسبيح وأصحابه. والتقدير : يسبح لله رجال في بيوت ، ويكون قوله: (فِيهَا) تأكيدا لقوله : (فِي بُيُوتٍ) لزيادة الاهتمام بها. وفي ذلك تنويه بالمساجد وإيقاع الصلاة والذكر فيها كما في الحديث : «صلاة أحدكم في المسجد (أي الجماعة) تفضل صلاته في بيته بسبع وعشرين درجة».
والمراد بالغدوّ : وقت الغدوّ وهو الصباح لأنه وقت خروج الناس في قضاء شئونهم.
والآصال : جمع أصيل وهو آخر النهار ، وتقدم في آخر الأعراف [٢٠٥] وفي سورة الرعد [١٥].
__________________
(١) رواه مسلم بسنده إلى أبي هريرة رضياللهعنه.