آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) [هود : ٦٢].
وقوله (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الَّذِينَ كَفَرُوا) نعت ثان ل (الْمَلَأُ) فيكون على وزان قوله في قصة نوح (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) [المؤمنون : ٢٤].
وإنما أخر النعت هنا ليتصل به الصفتان المعطوفتان من قوله : (وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ).
واللقاء : حضور أحد عند آخر. والمراد لقاء الله تعالى للحساب كقوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) في سورة البقرة [٢٢٣] وعند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا) في سورة الأنفال [٤٥].
وإضافة (بِلِقاءِ) إلى (الْآخِرَةِ) على معنى (في) أي اللقاء في الآخرة.
والإتراف : جعلهم أصحاب ترف. والترف : النعمة الواسعة. وقد تقدم عند قوله : (وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ) في سورة الأنبياء [١٣].
وفي هذين الوصفين إيماء إلى أنهما الباعث على تكذيبهم رسولهم لأن تكذيبهم بلقاء الآخرة ينفي عنهم توقع المؤاخذة بعد الموت ، وثروتهم ونعمتهم تغريهم بالكبر والصلف إذ ألفوا أن يكونوا سادة لا تبعا ، قال تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ) [المزمل : ١١] ، ولذلك لم يتقبلوا ما دعاهم إليه رسولهم من اتقاء عذاب يوم البعث وطلبهم النجاة باتباعهم ما يأمرهم به فقال بعضهم لبعض (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ).
و (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) كناية عن تكذيبه في دعوى الرسالة لتوهمهم أن البشرية تنافي أن يكون صاحبها رسولا من الله فأتوا بالملزوم وأرادوا لازمه.
وجملة (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ) في موقع التعليل والدليل للبشرية لأنه يأكل مثلهم ويشرب مثلهم ولا يمتاز فيما يأكله وما يشربه.
وحذف متعلق (تَشْرَبُونَ) وهو عائد الصلة للاستغناء عنه بنظيره الذي في الصلة المذكورة قبلها.
واللام في (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ) موطّئة للقسم ، فجملة (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم. وأقحم حرف الجزاء في جواب