القسم لما في جواب القسم من مشابهة الجزاء لا سيما متى اقترن القسم بحرف شرط.
والاستفهام في قوله (أَيَعِدُكُمْ) للتعجب ، وهو انتقال من تكذيبه في دعوى الرسالة إلى تكذيبه في المرسل به.
وقوله (أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ) إلى آخره مفعول (يَعِدُكُمْ) أي يعدكم إخراج مخرج إياكم. والمعنى : يعدكم إخراجكم من القبور بعد موتكم وفناء أجسامكم.
وأما قوله : (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) فيجوز أن يكون إعادة لكلمة (أنكم) الأولى اقتضى إعادتها بعد ما بينها وبين خبرها. وتفيد إعادتها تأكيدا للمستفهم عنه استفهام استبعاد تأكيدا لاستبعاده. وهذا تأويل الجرمي والمبرد.
ويجوز أن يكون (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) مبتدأ. ويكون قوله : (إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً) خبرا عنه مقدما عليه وتكون جملة (إِذا مِتُّمْ) إلى قوله (مُخْرَجُونَ) خبرا عن (أنّ) من قوله (أَنَّكُمْ) الأولى.
وجعلوا موجب الاستبعاد هو حصول أحوال تنافي أنهم مبعوثون بحسب قصور عقولهم ، وهي حال الموت المنافي للحياة ، وحال الكون ترابا وعظاما المنافي لإقامة الهيكل الإنساني بعد ذلك.
وأريد بالإخراج إخراجهم أحياء بهيكل إنساني كامل ، أي مخرجون للقيامة بقرينة السياق.
وجملة (هَيْهاتَ) بيان لجملة (يَعِدُكُمْ) فلذلك فصلت ولم تعطف.
و (هَيْهاتَ) كلمة مبنية على فتح الآخر وعلى كسره أيضا. وقرأها الجمهور بالفتح.
وقرأها أبو جعفر بالكسر. وتدل على البعد. وأكثر ما تستعمل مكررة مرتين كما في هذه الآية أو ثلاثا كما جاء في شعر لحميد الأرقط وجرير يأتيان.
واختلف فيها أهي فعل أم اسم ؛ فجمهور النحاة ذهبوا إلى أن (هيهات) اسم فعل للماضي من البعد ، فمعنى هيهات كذا : بعد. فيكون ما يلي (هيهات) فاعلا. وقيل هي اسم للبعد ، أي فهي مصدر جامد وهو الذي اختاره الزجاج في «تفسيره». قال الراغب: وقال البعض : غلط الزجاج في «تفسيره» واستهواه اللام في قوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ).