والآيات هنا هي آيات القرآن بقرينة (تُتْلى) إذ التلاوة القراءة.
والنكوص : الرجوع من حيث أتى ، وهو الفرار. والأعقاب : مؤخر الأرجل. والنكوص هنا تمثيل للإعراض وذكر الأعقاب ترشيح للتمثيل. وقد تقدم في قوله تعالى : (فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) في سورة الأنفال [٤٨].
وذكر فعل (كنتم) للدلالة على أن ذلك شأنهم. وذكر المضارع للدلالة على التكرر فلذلك خلق منهم معاد مكرور.
وضمير (بِهِ) يجوز أن يكون عائدا على الآيات لأنها في تأويل القرآن فيكون (مُسْتَكْبِرِينَ) بمعنى معرضين استكبارا ويكون الباء بمعنى (عن) ، أو ضمّن (مُسْتَكْبِرِينَ) معنى ساخرين فعدي بالباء للإشارة إلى تضمينه.
ويجوز أيضا أن يكون الضمير للبيت أو المسجد الحرام وإن لم يتقدم له ذكر لأنه حاضر في الأذهان فلا يسمع ضمير لم يتقدم له معاد إلا ويعلم أنه المقصود بمعونة السياق لا سيما وقد ذكرت تلاوة الآيات عليهم. وإنما كان النبي صلىاللهعليهوسلم يتلو عليهم آيات القرآن في المسجد الحرام إذ هو مجتمعهم. فتكون الباء للظرفية. وفيه إنحاء عليهم في استكبارهم. وفي كون استكبارهم في ذلك الموضع الذي أمر الله أن يكون مظهرا للتواضع ومكارم الأخلاق ، فالاستكبار في الموضع الذي شأن القائم فيه أن يكون قانتا لله حنيفا أشنع استكبار.
وعن منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي قاضي قرطبة أن الضمير في قوله (بِهِ) للنبي صلىاللهعليهوسلم والباء حينئذ للتعدية ، وتضمين (مُسْتَكْبِرِينَ) معنى مكذبين لأن استكبارهم هو سبب التكذيب.
و (سامِراً) حال ثانية من ضمير المخاطبين ، أي حال كونكم سامرين. والسامر : اسم لجمع السامرين ، أي المتحدثين في سمر الليل وهو ظلمته ، أو ضوء قمره. وأطلق السمر على الكلام في الليل ، فالسامر كالحاج والحاضر والجامل بمعنى الحجاج والحاضرين وجماعة الجمال. وعندي أنه يجوز أن يكون (سامِراً) مرادا منه مجلس السمر حيث يجتمعون للحديث ليلا ويكون نصبه على نزع الخافض ، أي في سامركم ، كما قال تعالى : (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) [العنكبوت : ٢٩].
و (تَهْجُرُونَ) بضم التاء وسكون الهاء وكسر الجيم في قراءة نافع مضارع أهجر : إذا