[٨٠٩] فإن قيل : كيف قال تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [النمل : ٨٦] ولم يراع المقابلة بقوله تعالى : (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) فيه؟
قلنا : راعى المقابلة المعنوية دون اللفظية ؛ لأن معنى مبصرا ليبصروا فيه ، وقد سبق ما يشبه هذا في قوله تعالى : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) [الإسراء : ٥٩].
[٨١٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النمل : ٨٦] ؛ مع أن في ذلك علامات على وحدانية الله تعالى لجميع العقلاء؟
قلنا : إنما خصهم بالذكر لأنهم هم المنتفعون بها دون غيرهم.
[٨١١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) [النمل : ٨٧] ولم يقل فيفزع وهو أظهر مناسبة؟
قلنا : أراد بذلك الإشعار بتحقق الفزع وثبوته وأنه كائن لا محالة ؛ لأن الفعل الماضي يدل على الثبوت والتحقق قطعا.
[٨١٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] أي صاغرين أذلاء بعد البعث ، مع أن النبيين والصديقين والشهداء يأتونه عزيزين مكرمين؟
قلنا : المراد به صغار العبودية والرّق وذلهما لا ذل الذنوب والمعاصي ، وذلك يعم الخلق كلهم ، ونظيره قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) [مريم : ٩٣].